صفحة جزء
[ ص: 36 ] فصل

خرج البخاري :

11 11 - من حديث بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، عن جده أبي بردة ، عن أبيه أبي موسى قال : قالوا : يا رسول الله ، أي الإسلام أفضل ؟ قال : " من سلم المسلمون من لسانه ويده " .


وخرجه مسلم أيضا .

وخرج أيضا من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل : أي المسلمين خير ؟ قال : " من سلم المسلمون من لسانه ويده " ، كما تقدم ذكره .

فعلى هذه الرواية : أي المسلمين خير ؟ وفي رواية أبي موسى : أي الإسلام أفضل ؟

قال ابن رجب :

والذي ظهر لي في الفرق بين " خير " و" أفضل " أن لفظة " أفضل " إنما تستعمل في شيئين اشتركا في غير فضل ، وامتاز أحدهما عن الآخر بفضل اختص به ، فهذا الممتاز قد شارك ذاك في الفضل واختص عنه بفضل زائد فهو ذاك .

وأما لفظة " خير " فتستعمل في شيئين في كل منهما نوع من الخير أرجح مما في الآخر ، سواء كان لزيادة عليه في ذاته أو في نفعه أو غير ذلك ، وإن اختلف جنساهما فترجيح أحدهما على الآخر يكون بلفظة " خير " . [ ص: 37 ] فيقال مثلا : النفع المتعدي خير من النفع القاصر ، وإن كان جنسهما مختلفا . ويقال : زيد أفضل من عمرو ، إذا اشتركا في علم أو دين ونحو ذلك ، وامتاز أحدهما على الآخر بزيادة .

وإن استعمل في النوع الأول لفظة " أفضل " مع اختلاف الجنسين ، فقد يكون المراد أن ثواب أحدهما أفضل من ثواب الآخر وأزيد منه ، فقد وقع الاشتراك في الثواب ، وامتاز أحدهما بزيادة منه .

وحينئذ فمن سلم المسلمون من لسانه ويده إسلامه أفضل من إسلام غيره ممن ليس كذلك ; لاشتراكهما في الإتيان بحقوق الله في الإسلام من الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ونحو ذلك ، وامتاز أحدهما بالقيام بحقوق المسلمين ، فصار هذا الإسلام أفضل من ذاك .

وأما المسلم فيقال : هذا أفضل من ذاك ; لأن إسلامه أفضل من إسلامه . ويقال : هو خير من ذاك ; لترجح خيره على خير غيره وزيادته عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية