صفحة جزء
[ ص: 350 ]

39 - باب

إذا بدره البصاق فليأخذ بطرف ثوبه

407 417 - حدثنا مالك بن إسماعيل: ثنا زهير: ثنا حميد، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة فحكها بيده، ورئي منه كراهية - أو رئي كراهيته - لذلك وشدته عليه، فقال: " إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه - أو إن ربه بينه وبين القبلة - فلا يبزقن في قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه " ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه، ورد بعضه على بعض. قال: " أو يفعل هكذا "


ومقصوده بتخريج هذا الحديث في هذا الباب: ذكر حكم البصاق في الثوب خاصة، وقد بينه صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، كما سبق التنبيه على ذلك، وأن فيه إشارة إلى أن تلويث الثوب للحاجة إليه ليس مما ينبغي التنزه عنه، كما قد يأنف منه بعض أهل الكبر والأنفة.

والمصلي إن كان في المسجد فالأولى أن يبصق في ثوبه ويدلكه بعضه ببعض، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ; ليذهب أثره، وهو أولى من البصاق في المسجد مع تغييبه ; للاختلاف في جوازه.

وإن كان خارج المسجد، فقالت طائفة من أصحابنا: الأولى أن يبصق عن يساره ; لما فيه من صيانة الثوب عن تلويثه بالمستقذرات.

وخرج مسلم من حديث القاسم بن مهران ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في قبلة المسجد، فأقبل على الناس، فقال: " ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه؟ أيحب أن يستقبل فيتنخع [ ص: 351 ] في وجهه، فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فيتفل هكذا " ووصف القاسم : فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض.

وفي رواية له: قال أبو هريرة : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد ثوبه بعضه على بعض.

وهذا يستدل به على أن البصاق على الأرض حيث أمكن فهو أولى من البصاق في الثوب ; لأنه لم يأمر به إلا عند تعذر البصاق عن يساره، وليس المراد أنه لا يجوز فعله إلا عند تعذر البصاق على الأرض، بل المراد أنه لا حاجة إلى تلويث ثوبه بالبصاق مع القدرة على الاستغناء عنه.

فهو كقوله تعالى: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة وقوله: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان وقوله: فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن الحارثة : " أنت أخونا ومولانا " مع أنه كان يعلم أباه.

التالي السابق


الخدمات العلمية