صفحة جزء
411 [ ص: 360 ] 41 - باب

هل يقال: مسجد بني فلان


ابتدأ البخاري - رحمه الله - من هنا في ذكر المساجد وأحكامها ، فأول ما ذكره من ذلك: أنه يجوز نسبة المساجد إلى القبائل ; لعمارتهم إياها، أو مجاورتهم لها.

وقد كره ذلك بعض المتقدمين، وتعلق بقوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا

والصحيح: أن الآية لم يرد بها ذلك، وأنها نزلت في النهي عن أن يشرك بالله في المساجد في عبادته غيره، كما يفعل أهل الكتاب في كنائسهم وبيعهم.

وقيل: إن المراد بالمساجد الأرض كلها ; فإنها لهذه الأمة مساجد وهي كلها لله، فنهى الله أن يسجد عليها لغيره.

وقيل: إن المراد بالمساجد أعضاء السجود نفسها، وهي لله ; فإنه هو خلقها وجمعها وألفها، فمن شكره على هذه النعمة أن لا يسجد بها لغيره.

وقد قيل: إن قوله تعالى: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا يدل - أيضا - على أنه لا يجوز إضافة المساجد إلى مخلوق إضافة ملك واختصاص.

وأخذ بعض أصحابنا من ذلك كالوزير ابن هبيرة : أنه لا يجوز نسبة شيء من المساجد إلى بعض طوائف المسلمين للاختصاص بها، فيقال: هذه المساجد للطائفة الفلانية، وهذه للطائفة الأخرى، فإنها مشتركة بين المسلمين عموما.

وذكر بعض المتأخرين من أصحابنا في صحة اشتراط ذلك في وقفها وجهين.

[ ص: 361 ] وأما إضافة المسجد إلى ما يعرفه به فليس بداخل في ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضيف مسجده إلى نفسه، فيقول: " مسجدي هذا "، ويضيف مسجد قباء إليه، ويضيف مسجد بيت المقدس إلى إيلياء ، وكل هذه إضافات للمساجد إلى غير الله لتعريف أسمائها، وهذا غير داخل في النهي. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية