صفحة جزء
[ ص: 27 ] 2 - باب

منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين

قال تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون


فأمره بإقامة وجهه ، وهو إخلاص قصده وعزمه وهمه للدين الحنيف ، وهو الدين القيم ، وهو فطرة الله التي فطر العباد عليها ، فإن الله ركب في قلوب عباده كلهم قبول توحيده والإخلاص له ، وإنما يغيرهم عن ذلك تعليم من علمهم الخروج عنه .

ولما كان الخطاب له - صلى الله عليه وسلم - لم تدخل فيه أمته معه ، قال بعد ذلك : منيبين إليه فجعل ذلك حالا له ولأمته ، وهو إنابتهم إليه ، ويعني به : رجوعهم إليه ، وأمرهم بتقواه ، والتقوى تتضمن فعل جميع الطاعات وترك المعاصي والمخالفات .

وخص من ذلك إقام الصلاة ، فلم يذكر من أعمال الجوارح باسمه الخاص سواها ، والمراد بإقامتها : الإتيان بها قائمة على وجهها التام ، وفي ذلك دليل على شرف الصلاة وفضلها ، وأنها أهم أعمال الجوارح .

ومن جملة إقامتها المأمور به : المحافظة على مواقيتها ، فمن صلى الصلاة لغير مواقيتها التي وقتها الله فلم يقم الصلاة ، بل ضيعها وفرط فيها وسها عنها .

قال ابن عباس في قوله تعالى : الذين يقيمون الصلاة قال : يقيمون الصلاة بفرضها .

[ ص: 28 ] وقال قتادة : إقامة الصلاة : المحافظة على مواقيتها ووضوئها ، وركوعها وسجودها .

وقال مقاتل بن حيان : إقامتها : المحافظة على مواقيتها ، وإسباغ الطهور فيها ، وتمام ركوعها وسجودها ، وتلاوة القرآن فيها ، والتشهد ، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهذا إقامتها .

خرجه كله ابن أبي حاتم .

ولهذا مدح سبحانه والذين هم على صلاتهم يحافظون و الذين هم على صلاتهم دائمون وقد فسره ابن مسعود وغيره بالمحافظة على مواقيتها ، وفسره بذلك مسروق والنخعي وغيرهما .

وقيل لابن مسعود : إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن : الذين هم على صلاتهم دائمون و والذين هم على صلاتهم يحافظون ؟ قال : ذاك على مواقيتها . قيل له : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها ، قال : تركها الكفر .

خرجه ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما .

وكذلك فسر سعد بن أبي وقاص ومسروق وغيرهما السهو عن الصلاة بالسهو عن مواقيتها .

وروي عن سعد مرفوعا ، والموقوف أصح .

التالي السابق


الخدمات العلمية