صفحة جزء
578 [ ص: 392 ] [ ص: 393 ] 10 - كتاب الأذان

[ ص: 394 ] [ ص: 395 ] بسم الله الرحمن الرحيم

1 – باب

بدء الأذان

وقول الله عز وجل : وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون وقوله تعالى : إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله


يشير إلى أن الأذان مذكور في القرآن في هاتين الآيتين :

الأولى منهما : تشتمل النداء إلى جميع الصلوات ؛ فإن الأفعال نكرات ، والنكرة في سياق الشرط تعم كل صلاة .

والثانية منهما : تختص بالنداء إلى صلاة الجمعة .

وقد روى عبد العزيز بن عمران ، عن إبراهيم بن أبي حبيبة ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : الأذان نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع فرض الصلاة : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله .

هذا إسناد ساقط لا يصح .

وهذه الآية مدنية ، والصلاة فرضت بمكة ، ولم يصح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بمكة جمعة . وقوله : وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا مدنية - أيضا - ولم يؤذن للصلاة بمكة .

والحديث الذي روي أن جبريل لما أم النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما فرضت الصلاة أمره أن يؤذن بالصلاة ، قد جاء مفسرا في رواية أخرى ، أنه يؤذن : الصلاة جامعة .

[ ص: 396 ] وقد سبق ذكره في أول " كتاب الصلاة " .

وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري خرج ملك من وراء الحجاب فأذن ، فحدثه ربه عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع ذلك ، ثم أخذ الملك بيد محمد فقدمه فأم أهل السماء ، منهم آدم ونوح .

قال أبو جعفر محمد بن علي : فيومئذ أكمل الله لمحمد صلى الله عليه وسلم الشرف على أهل السماء وأهل الأرض .

وقد خرجه البزار والهيثم بن كليب في " مسنديهما " بسياق مطول من طريق زياد بن المنذر أبي الجارود ، عن محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي .

وهو حديث لا يصح .

وزياد بن المنذر أبو الجارود الكوفي ، قال فيه الإمام أحمد : متروك . وقال ابن معين : كذاب عدو الله ، لا يساوي فلسا . وقال ابن حبان : كان رافضيا يضع الحديث .

وروى طلحة بن زيد الرقي ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسري به إلى السماء أوحى الله إليه الأذان ، فنزل به ، فعلمه جبريل .

خرجه الطبراني .

وهو موضوع بهذا الإسناد بغير شك .

وطلحة هذا ، كذاب مشهور .

ونبهنا على ذلك لئلا يغتر بشيء منه .

[ ص: 397 ] وإنما شرع الأذان بعد هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، والأحاديث الصحيحة كلها تدل على ذلك .

والأذان له فوائد :

منها : أنه إعلام بوقت الصلاة أو فعلها .

ومن هذا الوجه هو إخبار بالوقت أو الفعل . ولهذا كان المؤذن مؤتمنا .

ومنها : أنه إعلام للغائبين عن المسجد ؛ فلهذا شرع فيه رفع الصوت ، وسمي نداء ؛ فإن النداء هو الصوت الرفيع .

ولهذا المعنى قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن زيد : " قم فألقه على بلال ؛ فإنه أندى صوتا منك " .

ومنها : أنه دعاء إلى الصلاة ؛ فإنه معنى قوله : " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " .

وقد قيل : إن قوله تعالى : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا الآية . : نزلت في المؤذنين ، روي عن طائفة من الصحابة .

وقيل : في قوله تعالى : وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون إنها الصلوات الخمس حين ينادى بها .

ومنها : أنه إعلان بشرائع الإسلام من التوحيد والتكبير والتهليل والشهادة بالوحدانية والرسالة .

التالي السابق


الخدمات العلمية