صفحة جزء
[ ص: 418 ] 3 - باب

الإقامة واحدة ، إلا قوله : " قد قامت الصلاة"

582 607 - ثنا علي بن عبد الله : ثنا إسماعيل بن إبراهيم : ثنا خالد ، عن أبي قلابة ، عن أنس ، قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ، وأن يوتر الإقامة .

قال إسماعيل : فذكرت لأيوب فقال : إلا الإقامة .


قد تقدم هذا الحديث من حديث خالد وأيوب ، عن أبي قلابة .

وقول أيوب : " إلا الإقامة " ، مراده : أن الحديث فيه هذه اللفظة ، ولكن لم يذكر سندها ، وقد ذكر سندها عنه سماك بن عطية - على ما تقدم في الباب الذي قبله - وأن أيوب رواها عن أبي قلابة ، عن أنس .

وقد تابعه - أيضا - معمر ، عن أيوب . خرج حديثه الإسماعيلي في " صحيحه " من حديث عبد الرزاق : أبنا معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : كان بلال يثني الأذان ويوتر الإقامة ، ويقول : " قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة" - مرتين . وفي رواية له - أيضا قوله : " قد قامت الصلاة" .

وفي الباب : عن ابن عمر من رواية شعبة ، عن أبي جعفر مؤذن مسجد العريان ، قال : سمعت أبا المثنى مؤذن مسجد الأكبر يقول : سمعت ابن عمر قال : إنما كان الأذان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين ، والإقامة مرة مرة ، غير أنه يقول : " قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة" فإذا سمعنا الإقامة توضأنا ، ثم خرجنا إلى الصلاة .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في [ ص: 419 ] " صحيحيهما " والحاكم ، وصححه .

وقال : أبو جعفر ، هو : عمير بن يزيد الخطمي .

ووهم في ذلك ، إنما هو : أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن مسلم بن أبي المثنى ، وقد ينسب إلى جده مسلم أبي المثنى ، وثقه ابن معين وابن حبان . وقال : ابن معين - مرة - : لا بأس به .

كذا ذكره ابن حبان وأبو أحمد الحاكم وابن عقدة والدارقطني وغيرهم .

وفرق بينهما غير واحد ، منهم : مسلم في " كتاب الكنى " ، وذكر أبا جعفر هذا ممن لا يعرف اسمه . وأن محمد بن إبراهيم يكنى أبا إبراهيم .

وكذا ذكر ابن أبي حاتم أن أبا جعفر هذا ليس هو محمد بن إبراهيم بن مسلم ، بل قال في ذاك : " يكنى أبا إبراهيم " ، وقال في أبي جعفر هذا : " سئل أبو زرعة عنه فقال : هو كوفي لا أعرفه إلا في هذا الحديث " .

قال : " وقلت لأبي : روى عيسى بن يونس عن شعبة ، فقال : عن أبي جعفر القاري ؟ فقال : أخطأ عيسى بن يونس ، ليس هذا أبو جعفر القاري ، هذا كوفي ، والقاري مديني " . انتهى .

ورواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي جعفر - وليس بالفراء .

وكذا قال أبو حاتم الرازي : ليس بالفراء .

وخرجه البيهقي من طريق أبي النضر ، عن شعبة ، عن أبي جعفر - يعني : الفراء .

كذا قال ، وهو من ظن بعض الرواة ، وليس هذا بالفراء ، الفراء اسمه : [ ص: 420 ] كيسان أو سلمان ، وهو غير هذا .

قال البيهقي : ورواه غندر وعثمان بن جبلة ، عن شعبة ، عن أبي جعفر المديني .

قلت : هذا يوافق قول الحاكم : أنه أبو جعفر الخطمي الأنصاري .

وقال الحافظ أبو نعيم : أبو جعفر ، اسمه : مسلم .

كذا رأيته ذكره في " الحلية " ، وليس بشيء ، إنما مسلم هو شيخه أبو المثنى .

وخرجه الإمام أحمد ، عن حجاج : حدثنا شعبة ، قال : سمعت أبا جعفر مؤذن مسجد بني العريان في مسجد بني بلال يحدث ، عن مسلم أبي المثنى مؤذن مسجد الجامع - فذكر هذا الحديث .

وأما أبو المثنى فاسمه : " مسلم " ، ويقال : " مهران " - : ذكره مسلم بن الحجاج في " كتاب الكنى " ، وفي تسميته اختلاف وهو مؤذن مسجد الكوفة .

وهو عند ابن معين وابن عقدة : والد أبي جعفر - : نقله عنه عباس الدوري .

وهو عند الدارقطني وابن حبان : ابن ابنه .

وعند أبي زرعة ومسلم وابن أبي حاتم : أنه ليس بينهما نسب .

وثقه أبو زرعة وابن حبان . وقال الدارقطني : لا بأس به .

وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي المثنى ، فخالف شعبة في رفعه ووقفه .

ذكره البخاري في " تاريخه " ، وقال : قال وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن المثنى - أو أبي المثنى - عن ابن عمر ، قال : إذا قمت فاجعلها واحدة .

وقال عارم : ثنا عبد العزيز بن مسلم ، عن إسماعيل ، عن المثنى ، عن أبيه ، عن ابن عمر - مثله . انتهى ما ذكره .

[ ص: 421 ] وفي رواية عبد العزيز ، عن إسماعيل : زيادة رجل ، وهو المثنى .

وقال ابن معين : إسماعيل بن أبي خالد يروي عن أبي المثنى الكوفي ، وهو هذا - يعني : الذي روى عنه شعبة .

وخرج ابن أبي شيبة في " كتابه " : ثنا أبو معاوية ، عن حجاج ، عن أبي المثنى ، عن ابن عمر ، قال : كان بلال يشفع الأذان ويوتر الإقامة .

وهذا في معنى رفع الحديث ، كما رواه شعبة .

قال : وثنا عبدة ، عن إسماعيل ، عن أبي المثنى ، أن ابن عمر كان يأمر المؤذن يشفع الأذان ويوتر الإقامة ، ليعلم المار الأذان من الإقامة .

وقد رواه الإمام أحمد - فيما رواه عنه ابنه عبد الله في " كتاب العلل " - عن وكيع كما ذكره البخاري .

ورواه أحمد - أيضا - عن محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن المثنى ، عن ابن عمر - مثله .

وعن محمد بن يزيد ، عن حجاج ، عن أبي المثنى ، عن ابن عمر - نحوه .

وذكر - أيضا - حديث شعبة ، عن أبي جعفر المتقدم .

وروى أحمد - أيضا - عن وكيع ، [ عن الثوري ] ، عن أبي جعفر المؤذن ، عن [ أبي ] سلمان ، عن أبي محذورة .

وعن عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان - أيضا .

قال عبد الرحمن : ليس هو الفراء - يعني : أبا جعفر .

وهذا إشارة إلى اختلاف آخر على أبي جعفر ، عن أبي محذورة ، أنه كان [ ص: 422 ] إذا بلغ : " حي على الفلاح " في الفجر ، قال : " الصلاة خير من النوم" - مرتين .

وخرجه أبو نعيم في " كتاب الصلاة " عن سفيان ، عن أبي جعفر الفراء - فذكره بمعناه .

وقد تقدم أن أبا جعفر ليس بالفراء ، بل هو المؤذن .

وخرجه النسائي من طرق عن سفيان ، ولفظ حديثه : عن أبي محذورة ، قال : كنت أؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - فكنت أقول في أذان الفجر الأول : " حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله " .

وقال : أبو جعفر ليس بالفراء .

وقد روي عن أبي محذورة : الأذان مثنى مثنى ، والإقامة مرة مرة من طرق غير قوية .

وروي عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الإقامة مثنى مثنى .

خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث همام ، عن عامر الأحول ، عن مكحول ، عن ابن محيريز ، عن أبي محذورة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة ، والإقامة سبع عشرة كلمة .

وصححه الترمذي .

وخرجه مسلم من رواية هشام الدستوائي ، عن عامر ، ولم يذكر فيه الإقامة ، ولا عدد كلمات الأذان ، بل ذكره مفصلا ، والتكبير في أوله مرتين .

وفي رواية : تمام التكبير في أوله أربعا .

[ ص: 423 ] واختلف العلماء في صفة الإقامة على أقوال :

أحدها : أنها فرادى سوى التكبير فإنه مرتين في أولها وآخرها ، وهذا قول مالك والليث والشافعي في القديم .

وممن روي عنه الأمر بإفراد الإقامة : ابن عمر وسلمة بن الأكوع وعطاء والحسن وعمر بن عبد العزيز وعروة ، ومكحول والزهري ، وقالا : مضت السنة بذلك .

وقال بكير بن الأشج : أدركت أهل المدينة على ذلك .

والقول الثاني : أنه تفرد الإقامة سوى التكبير ، وكلمة الإقامة فإنها تثنى ، وهو المشهور من مذهب الشافعي وقول أحمد وإسحاق . وروي عن الحسن ومكحول والزهري والأوزاعي .

وللشافعية وجه - ومنهم من حكاه قولا - : أنه يفرد التكبير - أيضا - في أول الإقامة وآخرها ، مع إفراد لفظ الإقامة .

ولهم قول آخر : أنه يفرد التكبير في آخرها خاصة ، مع لفظ الإقامة .

والثالث : أن الإقامة كالأذان مثنى مثنى ؛ لحديث أبي محذورة .

وروي - أيضا - من حديث ابن أبي ليلى ، عن معاذ وعن بلال وعن أصحاب محمد ، كما سبق ذكر الاختلاف عنه .

وهو قول الكوفيين : النخعي والثوري والحسن بن صالح وأبي حنيفة وأصحابه وأبي بكر بن أبي شيبة ، وهو قول مجاهد وابن المبارك .

وروي عن علي ، وذكره حجاج بن أرطاة ، عن أبي إسحاق ، عن أصحاب علي وابن مسعود .

وروي - أيضا - عن سلمة بن الأكوع .

[ ص: 424 ] وقال النخعي : لا بأس إذا بلغ " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " أن يقولها مرة مرة .

ولو أن الأذان يؤذن فأقام ، فقال النخعي والشعبي : يعيد الأذان .

وقال الثوري : يجعل إقامته إذا قام [ . . . ] .

ومذهب مالك : أنه يعيد الأذان ؛ لكنه يرى الإقامة فرادى .

والرابع : أنه يجوز تثنية الإقامة وإفرادها ، والإفراد أفضل ، وهو قول أحمد وإسحاق وداود الظاهري وجماعة من فقهاء أهل الحديث ؛ لورود الحديث بذلك كله .

وكذا قال ابن خزيمة ؛ لكنه قال : يجوز الترجيع في الأذان مع تثنية الإقامة ، وتثنية الأذان بغير ترجيع مع إفراد الإقامة .

فأما تثنية الأذان من غير ترجيع وتثنية الإقامة ، فلم يصح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والخامس : إن أذن وأقام أفرد الإقامة ، وإن صلى وحده ، وإن اقتصر على الإقامة ثناها لتكون له تأذينا ، روي ذلك عن أبي العالية وسليمان بن موسى ، ونقله حرب عن إسحاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية