صفحة جزء
[ ص: 516 ] 13 - باب الأذان قبل الفجر

فيه حديثان :

الأول :

قال :

596 621 - ثنا أحمد بن يونس : ثنا زهير : ثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لا يمنعن [ أحدكم - أو ] أحدا منكم - أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن بليل - أو ينادي بليل - ليرجع قائمكم ، ولينبه نائمكم ، وليس أن يقول الفجر أو الصبح ) - وقال بأصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأ إلى أسفل حتى يقول هكذا . وقال زهير : بسبابتيه إحداهما فوق الأخرى ، ثم مدها عن يمينه وشماله .


قال علي بن المديني : إسناده جيد ، ولم نجده عن ابن مسعود إلا من هذا الطريق .

وقوله : ( ليرجع قائمكم ) .

قال الحافظ أبو موسى المديني : لفظ لازم ومتعد ، يقال : رجعته فرجع ، وكأن المحفوظ ( قائمكم ) بالرفع ، ولو روي ( قائمكم ) بالنصب ؛ ليلائم ( نائمكم ) لم نخطئ راويه ، ويكون ( يرجع ) حينئذ متعديا كلفظ : ( يوقظ ) .

وفسر رجوع القائم : بأن المصلي يترك صلاته ، ويشرع في وتره ، ويختم به صلاته ، وهذا مما استدل به من يقول : إن وقت النهي عن الصلاة يدخل بطلوع الفجر كما سبق .

[ ص: 517 ] فذكر لأذانه قبل الفجر فائدتين :

إحداهما : إعلام القائم المصلي بقرب الفجر .

وهذا يدل على أنه كان يؤذن قريبا من الفجر ، وقد ذكرنا في الباب الماضي ، أنه كان يؤذن إذا طلع الفجر الأول .

والثانية : أن يستيقظ النائم ، فيتهيأ للصلاة بالطهارة ؛ ليدرك صلاة الفجر مع الجماعة في أول وقتها ؛ وليدرك الوتر إن لم يكن أوتر ، أو يدرك بعض التهجد قبل طلوع الفجر ، وربما تسحر المريد للصيام حينئذ ، كما قال : ( لا يمنعن أحدا منكم أذان بلال عن سحوره ) .

وفي هذا تنبيه على استحباب إيقاظ النوام في آخر الليل بالأذان ونحوه من الذكر .

وخرج الترمذي من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الطفيل بن أبي [ بن ] كعب ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذهب ثلثا الليل قام ، فقال : ( يا أيها الناس ، اذكروا الله ، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، جاء الموت بما فيه ) .

وقال : حديث حسن .

وفيه دلالة على أن الذكر والتسبيح جهرا في آخر الليل لا بأس به ؛ لإيقاظ النوام .

وقد أنكره طائفة من العلماء ، وقال : هو بدعة ، منهم : أبو الفرج بن الجوزي . وفيما ذكرناه دليل على أنه ليس ببدعة .

وقد روي عن عمر ، أنه قال : عجلوا الأذان بالفجر ؛ يدلج المدلج ، وتخرج العاهرة .

[ ص: 518 ] ورواه الشافعي ، عن مسلم بن خالد ، عن ابن جريج ، عن قيس ، عن عمر .

فذكر فيه فائدتين :

أحدهما : أن المسافر يدلج في ذلك الوقت ، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسافر بالدلجة . وقال : ( إن الأرض تطوى بالليل ) . والدلجة : سير آخر الليل .

والثاني : أن من كان معتكفا على فجور ، فإنه يقلع بسماع الأذان عما هو فيه .

وأما تفريق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الفجرين ، فإنه فرق بينهما بأن الأول مستطيل ، يأخذ في السماء طولا ؛ ولهذا مد أصابعه ورفعها إلى فوق وطأطأها أسفل . والثاني مستطير ، يأخذ في السماء عرضا ، فينتشر عن اليمين والشمال .

وهكذا في حديث سمرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل حتى يستطير هكذا ) - وحكاه حماد بن زيد بيده - يعني : معترضا .

خرجه مسلم بمعناه .

وفي حديث طلق بن علي الحنفي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( كلوا واشربوا ، ولا يهيدنكم الساطع المصعد ، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم ) يعني : الأحمر .

خرجه أبو داود والترمذي .

وقال : حديث حسن .

[ ص: 519 ] وخرجه الإمام أحمد ، ولفظه : ( ليس الفجر المستطيل ، ولكنه المعترض الأحمر ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية