صفحة جزء
[ ص: 538 ] 17 - باب من قال : ليؤذن في السفر مؤذن واحد

602 628 - ثنا معلى بن أسد : ثنا وهيب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن مالك بن الحويرث ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفر من قومي ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، وكان رحيما رقيقا ، فلما رأى شوقنا إلى أهلنا ، قال : ( ارجعوا ، فكونوا فيهم ، وعلموهم ، وصلوا ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) .


مراده : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر مالك بن الحويرث وأصحابه بالرجوع إلى أهلهم ، وأمرهم إذا حضرت الصلاة أن يؤذن أحدهم ، كان دليلا على أن المسافرين لا يشرع لهم تكرير الأذان وإعادته مرتين في الفجر ولا في غيره .

ويعضد هذا : أنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان له في السفر مؤذنان ، يؤذن أحدهما بعد الآخر .

وحديث زياد بن الحارث الصدائي المتقدم يدل على ذلك .

ولكن اللفظ الذي ساقه البخاري في هذا الباب إنما يدل على أنه أمرهم بذلك إذا رجعوا إلى أهليهم ، لا أنه أمرهم به في سفرهم قبل وصولهم ، وقد نبه على ذلك الإسماعيلي ، وترجم عليه النسائي : ( اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر ) .

وقد خرجه البخاري في الباب الذي يلي هذا بلفظ صريح ، بأنه أمرهم بذلك في حال رجوعهم إلى أهلهم وسفرهم ، فكان تخريجه بذلك اللفظ في هذا الباب [ ص: 539 ] أولى من تخريجه بهذا اللفظ الذي يدل على أنه لم يأمرهم بذلك في السفر .

فإن قيل : بل قوله : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ) عام في السفر والحضر ، ولا يمنع من عمومه تخصيص أول الكلام بالحضر .

قيل : إن سلم ذلك لم يكن فيه دليل على أنه لا تستحب الزيادة على مؤذن واحد في السفر خاصة ، لأن الكلام إذا كان شاملا للحضر والسفر فلا خلاف أنه في الحضر لا يكره اتخاذ مؤذنين ، فكيف خص كراهة ذلك بالسفر وقد شملها عموم واحد ؟

وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي ، عن أبيه ، أنه لما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم : ( إذا حضرت صلاة فليؤذن لكم أحدكم ) - وذكر الحديث .

وقد خرجه البخاري في موضع آخر .

وأمره هذا لا يختص بحال سفرهم ، بل يشمل سفرهم وإقامتهم في حيهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية