صفحة جزء
[ ص: 608 ] 28 - باب

الكلام إذا أقيمت الصلاة

617 643 - حدثنا عياش بن الوليد : حدثنا عبد الأعلى : حدثنا حميد ، قال : سألت ثابتا البناني عن الرجل يتكلم بعدما تقام الصلاة ، فحدثني عن أنس بن مالك ، قال : أقيمت الصلاة ، فعرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ، فحبسه بعدما أقيمت الصلاة .


خرجه مسلم في ( صحيحه ) من حديث حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : أقيمت صلاة العشاء ، فقال رجل : لي حاجة ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يناجيه حتى نام القوم - أو بعض القوم - ثم صلوا .

وخرجه الترمذي من حديث معمر ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما تقام الصلاة يكلمه الرجل ، يقوم بينه وبين القبلة ، فما يزال يكلمه ، ولقد رأيت بعضهم ينعس من طول قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - .

فهذا الحديث : دليل على جواز ابتداء الكلام للإمام وغيره بعد إقامة الصلاة ، بخلاف حديث عبد العزيز بن صهيب المخرج في الباب الماضي ؛ فإنه إنما يدل على جواز استدامة الكلام إذا شرع فيه قبل الإقامة .

ورواية معمر ، عن ثابت ، عن أنس صريحة بأن مدة الكلام طالت ، ورواية حماد بن سلمة تشعر بذلك ؛ لقوله : ( حتى نام القوم أو بعض القوم ) ، وليس فيه ذكر إعادة إقامة الصلاة .

وظاهر الحال : يدل على أنه لم يعد الإقامة ، ولو وقع ذلك لنقل ، ولم يهمل ؛ فإنه مما يهتم به .

[ ص: 609 ] وقد روى حديث ثابت جرير بن حازم ، فخالف أصحاب ثابت في لفظه ، رواه عن ثابت ، عن أنس ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتكلم بالحاجة إذا نزل عن المنبر .

خرجه من طريقه كذلك الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي .

وقال : لا نعرفه إلا من حديث جرير بن حازم ، وسمعت محمدا - يعني : البخاري - يقول : وهم جرير بن حازم في هذا الحديث ، والصحيح ما روي عن ثابت ، عن أنس ، قال : أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم . قال محمد : والحديث هو هذا ، وجرير بن حازم ربما يهم في بعض الشيء ، وهو صدوق .

وقال ابن أبي خيثمة في ( تاريخه ) : سئل يحيى بن معين عن حديث جرير بن حازم هذا ، فقال : خطأ .

وروى وكيع ، عن جرير بن حازم ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل من المنبر يوم الجمعة ، فيكلمه الرجل في الحاجة فيكلمه ، ثم يتقدم إلى المصلى فيصلي .

وروى وكيع عن سفيان ، عن معمر ، عن الزهري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو حديث جرير ، عن ثابت - مرسلا .

[ ص: 610 ] وقد اختلف في كراهية الكلام بين الخطبة والصلاة ، فكرهه طاوس - في رواية - والحكم وأبو حنيفة ، ورخص فيه الأكثرون .

قال ابن المنذر : كان طاوس وعطاء والزهري وبكر بن عبد الله والنخعي وحماد ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور ويعقوب ومحمد يرخصون فيه ، وروينا ذلك عن ابن عمر ، وحكي كراهته عن الحكم .

وأما الكلام بين إقامة الصلاة والصلاة في غير الجمعة فلا أعلم أحدا كرهه ، وإنما كره من كره ذلك يوم الجمعة تبعا لكراهة الكلام في وقت الخطبة ، فاستصحبوا الكراهة إلى انقضاء الصلاة ، وهذا المعنى غير موجود في سائر الصلوات .

وحكى ابن عبد البر عن العراقيين كراهته بين الإقامة والصلاة مطلقا .

فإن كان الكلام بينهما لمصلحة كتسوية الصفوف ونحوها كان مستحبا ، وقد دلت الأحاديث الكثيرة على ذلك ، ووردت أحاديث وآثار في الدعاء قبل الدخول في الصلاة .

التالي السابق


الخدمات العلمية