صفحة جزء
[ ص: 98 ] خرج في هذا الباب ثلاثة أحاديث :

الحديث الأول :

قال :

637 668 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا عبد الحميد - صاحب الزيادي - قال : سمعت عبد الله بن الحارث ، قال : خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ ، فأمر المؤذن لما بلغ ( حي على الصلاة ) ، قال : قل : ( الصلاة في الرحال ) . فنظر بعضهم إلى بعض ، كأنهم أنكروا ، فقال : كأنكم أنكرتم هذا ، إن هذا فعله من هو خير مني - يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم - ، إنها عزمة ، وإني كرهت أن أحرجكم .

وعن حماد ، عن عاصم ، عن عبد الله بن الحارث ، عن ابن عباس ، نحوه ، غير أنه قال : كرهت أن أؤثمكم فتجيئون تدوسون الطين إلى ركبكم .


قد سبق هذا الحديث في ( باب : الكلام في الأذان ) ، وفسرنا هنالك معنى ( الروغ ) .

وقوله : ( إنها عزمة ) ، يعني : الجمعة ، والمراد : أنه إذا دعا الناس إليها بقول المؤذن : ( حي على الصلاة ) ، فقد عزم على الناس كلهم أن يأتوه ، فليزمهم ذلك ؛ فلذلك أبدله بقوله : ( صلوا في رحالكم ) .

وقوله : ( كرهت أن أحرجكم ) : أي أشدد عليكم ، وأضيق بإخراجكم إلى المساجد في الطين ، والحرج : الشدة والضيق .

وفي الرواية الأخرى : ( كرهت أن أؤثمكم ) ، كأنه يريد إذا دعاهم إلى هذه الصلاة في هذا اليوم خشي عليهم الإثم إذا تخلفوا عن الصلاة مع دعائهم إليها ، فإذا خرجوا حرجوا بخوضهم في الطين إلى ركبهم ، وإن قعدوا أثموا .

وظاهر هذا يدل على أن ابن عباس يرى أن الإمام إذا دعا الناس إلى [ ص: 99 ] الجمعة في الطين والمطر لزمتهم الإجابة ، وإنما يباح لأحدهم التخلف إذا نادى : ( الصلاة في الرحال ) . والله أعلم .

وقد نص على ذلك الإمام أحمد ، فيما رواه البيهقي في ( مناقب أحمد ) بإسناده ، عن محمد بن رافع ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إن قال المؤذن في أذانه : ( الصلاة في الرحال ) فلك أن تتخلف ، وإن لم يقل فقد وجب عليك ، إذا قال : ( حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية