صفحة جزء
[ ص: 115 ] 45 - باب

من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته

645 677 - حدثنا موسى بن إسماعيل : أنا وهيب ، نا أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : جاءنا مالك بن الحويرث في مسجدنا هذا ، فقال : إني لأصلي بكم ، وما أريد الصلاة ، أصلي كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فقيل لأبي قلابة : كيف كان يصلي ؟ قال : مثل شيخنا هذا ، وكان الشيخ يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة الأولى .


وقد خرجه البخاري فيما بعد عن معلى بن أسد ، عن وهيب ، ولفظ حديثه : جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا ، فقال : إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة ، لكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، وذكر بقية الحديث .

قول مالك بن الحويرث : ( إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة ) يحتمل أنه أراد أني لا أريد الصلاة إماما ، وأنه لا غرض لي في إمامتكم سوى تعليمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والإمام إذا نوى الصلاة بالناس وتعليمهم الصلاة صحت صلاته ، كما حج النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال لهم : ( خذوا عني مناسككم ) ، وقال - أيضا - في الصلاة : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .

[ ص: 116 ] وإن حمل على أن مراد ابن الحويرث : أني لا أريد أن أصلي هذه الصلاة لأني قد صليتها ، وإنما أعيدها لتعليمكم الصلاة دل ذلك على أنه كان يرى جواز اقتداء المفترضين بالمتنفل ، إن كان أمهم في وقت صلاة مفروضة ، فإن كان أمهم في تطوع فلا دلالة فيه على ذلك .

وقد ورد ذلك مصرحا به في رواية خرجها البخاري في ( باب : الطمأنينة ) من رواية حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : قام مالك بن الحويرث يرينا كيف كان صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك في غير وقت الصلاة ، وذكر صفة صلاته .

فعلم بهذا أنهم كانوا متنفلين بهذه الصلاة كلهم .

ولا يصح حمل كلامه على ظاهره ، وأنه لم ينو الصلاة بالكلية ، بل كان يقوم ويقعد ويركع ويسجد ، وهو لا يريد الصلاة ، فإن هذا لا يجوز ، وإنما يجوز مثل ذلك في الحج ، يجوز أن يكون الذي يقف بالناس ويدفع بهم غير محرم ، ولا مريدا للحج بالكلية ، لكنه يكره .

قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء في الأحكام السلطانية : لأن الوقوف والدفع يجوز للمحرم وغيره ، بخلاف القيام والركوع والسجود ، فإنه لا يجوز إلا في الصلاة بشروطها .

وبقية فوائد الحديث يأتي الكلام عليه في مواضعه - إن شاء الله - ؛ فإن البخاري خرجه في مواضع متعددة .

التالي السابق


الخدمات العلمية