صفحة جزء
2323 28 - حدثنا حفص بن عمر ، قال : حدثنا شعبة ، عن جبلة : كنا بالمدينة في بعض أهل العراق ، فأصابتنا سنة ، فكان ابن الزبير يرزقنا التمر ، فكان ابن عمر رضي الله عنهما يمر بنا ، فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران ، إلا أن يستأذن الرجل منكم أخاه . .


مطابقته للترجمة في قوله: " إلا أن يستأذن الرجل منكم أخاه " ، وجبلة بالجيم والباء الموحدة واللام المفتوحات ابن سحيم ، بضم السين المهملة ، وفتح الحاء المهملة ، الشيباني .

والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأطعمة عن آدم ، وفي الشركة عن أبي الوليد ، وأخرجه مسلم في الأطعمة عن محمد بن المثنى ، وعن عبيد الله بن معاذ ، وعن بندار ، وعن زهير بن حرب ، ومحمد بن المثنى أيضا ، وأخرجه أبو داود فيه عن واصل بن عبد الأعلى ، وأخرجه الترمذي فيه عن محمود بن غيلان ، وأخرجه النسائي في الوليمة عن علي بن خشرم ، وعن محمد بن عبد الأعلى ، وعن عبد الحميد بن محمد ، وأخرجه ابن ماجه في الأطعمة عن بندار ، وروى أحمد من حديث الحسن عن سعد مولى أبي بكر ، قال : قدمت بين يدي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تمرا فجعلوا يقرنون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقرنوا . ورواه ابن ماجه أيضا عن سعد مولى أبي بكر ، ولفظه : وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعجبه خدمته أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران . يعني في التمر ، وروى البزار في ( مسنده ) من حديث الشعبي ، عن أبي هريرة قال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرا بين أصحابه ، فكان بعضهم يقرن ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن إلا بإذن صاحبه . ورواه الحاكم في ( المستدرك ) بلفظ : كنت في الصفة ، فبعث إلينا النبي صلى الله عليه وسلم تمر عجوة ، فسكبت بيننا فكنا نقرن الثنتين من الجوع ، فكنا إذا قرن أحدنا قال لأصحابه : إني قد قرنت فاقرنوا ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وروى الطبراني في ( الكبير ) من حديث أبي طلحة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران .

( ذكر معناه ) قوله : " في بعض أهل العراق " ، وعند الترمذي في بعث أهل العراق . قوله : " سنة " ، أي : غلاء وجدب . قوله : " فكان ابن الزبير " ، أي : عبد الله بن الزبير بن العوام . قوله : " نهى عن الإقران " ، بكسر الهمزة من الثلاثي المزيد ، فيه قال ابن التين : كذا وقع في البخاري رباعيا ، والمعروف خلافه ، والذي في اللغة ثلاثي ، وقال القرطبي : كذا لجميع رواة مسلم [ ص: 3 ] الإقران ، وليست معروفة ، والصواب القران ثلاثي وقال الفراء : لا يقال : أقرن ، وقال غيره : إنما يقال : أقرن على الشيء إذا قوي عليه وأطاقه ، ومنه قوله تعالى : وما كنا له مقرنين أي : مطيقين ، وفي ( الصحاح ) أقرن الدم العرق واستقرن ، أي : كثر ، فيحتمل أن يكون الإقران في هذا الحديث على ذلك ، ويكون معناه النهي عن الإكثار من أكل التمر إذا كان مع غيره ، ويرجع معناه إلى القران المذكور في الرواية الأخرى ، ونقل المنذري عن أبي محمد المعافري أنه يقال : قرن بين الشيئين وأقرن إذا جمع بينهما . قوله : " إلا أن يستأذن الرجل منكم أخاه " . قال الخطيب : هذا من قول ابن عمر وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم : بين ذلك آدم بن أبي إياس وشبابة بن سوار عن شعبة ، وقال عاصم بن علي : أرى الإذن من قول ابن عمر ، قيل : يرد على هذا ما أخرجه البخاري بعد من حديث جبلة بن سحيم ، سمعت ابن عمر يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعا حتى يستأذن أصحابه . ( قلت ) : احتمال الإدراج باق فيه أيضا فليتأمل .

ذكر ما يستفاد منه فيه النهي عن الإقران ، قال أبو موسى المديني في كتابه ( المغيث ) : للنهي عن القران وجهان : الأول : ذهبت عائشة وجابر رضي الله عنهما إلى أنه قبيح ، وفيه شره وهلع وهو يزري بصاحبه . الثاني : كان التمر من جهة ابن الزبير ، وكان ملكهم فيه سواء ، فيصير الذي يقرن أكثر أكلا من غيره ، فأما إذا كان التمر ملكا له فله أن يأكل كما شاء ، كما روي أن سالما كان يأكل التمر كفا كفا وقيل : إذا كان الطعام بحيث يكون شبعا للجميع كان مباحا له لو أكله ، وجاز له أن يأكل كما شاء ، وقال القرطبي : وحمل أهل الظاهر هذا النهي على التحريم مطلقا ، قال : وهو منهم ذهول عن مساق الحديث ومعناه . وحمله جمهور الفقهاء على حالة المشاركة بدليل مساق الحديث ، وقال النووي : واختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب ، والصواب التفصيل كما سبق .

واختلف العلماء فيما يملك من الطعام حين وضعه ، فإن قلنا : إنهم يملكونه بوضعه بين أيديهم ، فيحرم أن يأكل أحد أكثر من الآخر ، وإن قلنا : إنما يملك كل واحد منهم ما رفع إلى فيه فهو سوء أدب وشره ودناءة ويكون مكروها . وقال ابن التين : وحمله بعضهم على ما إذا استوت أثمانهم فيه مثل أن يتخارجوا في ثمنه أو يهبه لهم رجل ، أو يوصي لهم به ، وأما إن أطعمهم هو ، فروى ابن نافع عن مالك : لا بأس به ، وفي رواية ابن وهب : ليس بجميل أن يأكل تمرتين أو ثلاثا في لقمة دونهم ، فإن قلت : روى البزار والطبراني في ( الأوسط ) من رواية يزيد بن زريع ، عن عطاء الخراساني ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " كنت نهيتكم عن الإقران في التمر ، فإن الله قد وسع عليكم فاقرنوا " . ( قلت ) : هذا الحديث رواه ابن شاهين أيضا في كتابه ( الناسخ والمنسوخ ) ثم قال : الحديث الذي فيه النهي عن الإقران صحيح الإسناد ، والذي فيه الإباحة ليس بذاك القوي ; لأن في سنده اضطرابا ، وإن صح فيحمل على أنه ناسخ للنهي ، وقال الحازمي : وذكر الحديثين إسناد الأول أصح وأشهر من الثاني ، غير أن الخطب في هذا الباب يسير ; لأنه ليس من باب العبادات والتكاليف ، وإنما هو من قبيل المصالح الدنياوية ، فيكفي في ذلك الحديث الثاني ، ثم يشيده إجماع الأمة على خلاف ذلك ، وقيل : إن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إنما نهى عن ذلك حيث كان العيش زهيدا ، والقوت متعذرا ، مراعاة لجانب الفقراء والضعفاء والمساكين ، وحثا على الإيثار والمواساة ، ورغبة في تعاطي أسباب المعدلة حالة الاجتماع والاشتراك ، فلما وسع الله الخير وعم العيش الغني والفقير قال : فشأنكم إذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية