صفحة جزء
227 92 - حدثنا عبدان ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا عمرو بن ميمون الجزري ، عن سليمان بن يسار ، عن عائشة قالت : كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه .


لم يطابق الحديث الترجمة إلا في غسل المني فقط ، وقد ذكرناه .

( بيان رجاله ) : وهم خمسة : عبدان بفتح العين ، وسكون الباء الموحدة تقدم في باب الوحي ، وعبد الله بن المبارك كذلك ، وقال الكرماني : وعبد الله أي ابن المبارك ، فكأنه وقع في نسخته التي ينقل عنها عبد الله منسوبا إلى الأب بالتفسير من البخاري ، فلذلك قال أي ابن المبارك ، ثم قال : وقاله على سبيل التعريف إشعارا بأنه لفظه لا لفظة نسخته ، وعمرو بن ميمون الجزري منسوب إلى الجزيرة ، وكان ميمون بن مهران والد عمرو نزلها ، فنسب إليها ولده ، وقال بعضهم : ووقع في رواية الكشميهني وحده الجوزي ، بواو ساكنة بعدها زاي ، وهو غلط منه ، قلت : الظاهر أن الغلط من الناقل أو الكاتب ، فدور رأس الزاي ونقط الراء فصار الجوزي ، وقد يقع من الناقلين والكتاب الجهلة أكثر من هذا وأفحش ، والرابع سليمان بن يسار ضد اليمين مولى ميمونة أم المؤمنين فقيه المدينة العابد الحجة توفي عام سبعة ومائة ، والخامس عائشة الصديقة .

( بيان لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد ، والإخبار بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه أن رواته ما بين مروزي ، ورقي ، ومدني ، فعبدان ، وابن المبارك مروزيان ، وعبدان لقب ، واسمه عبد الله بن عثمان ، وقد ذكرناه غير مرة .

( بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري هنا عن عبدان ، وعن قتيبة ، وعن مسدد ، وعن موسى بن إسماعيل ، وعن عمرو بن خالد كما يأتي ذكر الجميع ها هنا ، وأخرجه مسلم في الطهارة أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وعن أبي كامل ، وعن أبي كريب ، ويحيى بن أبي زائدة ، أربعتهم عن عمرو بن ميمون به ، وأخرجه أبو داود فيه عن النفيلي عن زهير به ، وعن محمد بن عبيد البصري ، عن سليم بن أخضر ، عن عمرو بن ميمون به ، وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع ، عن أبي معاوية ، عن عمرو بن ميمون نحوه ، وقال : حسن صحيح ، وأخرجه النسائي فيه عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك به [ ص: 147 ] وأخرجه ابن ماجه فيه عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن عبدة بن سليمان ، عن عمرو بن ميمون ، قال : سألت سليمان بن يسار ، فذكره .

( بيان لغته وما يستنبط منه ) قوله : " أغسل الجنابة " ، قال الكرماني : الجنابة معنى لا عين فكيف يغسل ؟ قلت : المضاف محذوف ، أي أثر الجنابة ، أو موجبه ، أو هي مجاز عنه ، ويقال : المراد من الجنابة المني من باب تسمية الشيء باسم سببه ، وأن وجوده سبب لبعده عن الصلاة ونحوها ، قلت : يجوز أن تكون عائشة رضي الله عنها أطلقت على المني اسم الجنابة ، فحينئذ لا حاجة إلى التقدير بالحذف ، أو بالمجاز ، قوله : " وإن بقع الماء " ، بضم الباء الموحدة وفتح القاف وبالعين المهملة جمع بقعة كالنطف ، والنطفة والبقعة في الأصل قطعة من الأرض يخالف لونها لون يليها ، وفي بعض النسخ بفتح الباء الموحدة ، وسكون القاف جمع بقعة ، كتمرة ، وتمر مما يفرق بين الجنس والواحد منه بالتاء ، وقال التيمي : يريد بالبقعة الأثر ، قال أهل اللغة : البقع اختلاف اللونين ، يقال : غراب أبقع ، وقال ابن بطال : البقع بقع المني ، وطبعه ، قلت : هذا ليس بشيء ; لأن في الحديث صرح " وإن بقع الماء " ، ووقع عند ابن ماجه : " وأنا أرى أثر الغسل فيه " يعني لم يجف .

ومن أحكام هذا الحديث أنه حجة للحنفية في قولهم : إن المني نجس لقول عائشة : " كنت أغسل الجنابة من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم " ، وقولها : " كنت " يدل على تكرار هذا الفعل منها ، فهذا أدل دليل على نجاسة المني ، وقال الكرماني : فالحديث حجة لمن قال بنجاسة المني ، قلت : لا حجة له لاحتمال أن يكون غسله بسبب أن ممره كان نجسا ، أو بسبب اختلاطه برطوبة فرجها على مذهب من قال بنجاسة رطوبة فرجها ، انتهى .

قلت : بلى له حجة ، وتعليله بهذا لدعواه لا يفيد شيئا ; لأن المشرحين من الأطباء الأقدمين قالوا : إن مستقر المني في غير مستقر البول ، وكذلك مخرجاهما ، وأما نجاسة رطوبة فرج المرأة ففيها خلاف عندهم .

ومن أحكامه خدمة المرأة لزوجها في غسل ثيابه ، ونحو ذلك خصوصا إذا كان من أمر يتعلق بها وهو من حسن العشرة ، وجميل الصحبة .

ومنها نقل أحوال المقتدى به ، وإن كان يستحى من ذكرها عادة .

ومنها خروج المصلي إلى المسجد بثوبه الذي غسل منه المني قبل جفافه .

التالي السابق


الخدمات العلمية