صفحة جزء
2400 وقال أنس ، قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم : فاديت نفسي وفاديت عقيلا .


هذا التعليق جزء من حديث مضى في كتاب الصلاة في باب القسمة ، وتعليق القنو في المسجد أخرجه هناك ، فقال : قال إبراهيم بن طهمان ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال : " أتي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بمال من البحرين " الحديث ، وفيه : " جاءه العباس فقال : يا رسول الله ، أعطني فإني فاديت نفسي وفاديت عقيلا " إلى آخره ، وأخرجه البيهقي موصولا فقال : أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن عبد الله ، حدثنا محمد بن عصام ، حدثنا حفص بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن طهمان إلى آخره ، وعباس عم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لما أسر في وقعة بدر فادى نفسه بمائة أوقية من ذهب ، قاله ابن إسحاق ، وقال ابن كثير في تفسيره : وهذه المائة عن نفسه ، وعن ابني أخيه عقيل ونوفل ، وروى هشام بن الكلبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : فدى العباس نفسه بأربعة آلاف درهم وكانوا يأخذون من كل واحد من الأسرى أربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أضعفوها على العباس ، فقال : تركتني فقيرا ما عشت أسأل الله ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأين المال الذي تركته عند أم الفضل ، وذكره فقال : يا ابن أخي ، من أعلمك ، فوالله ما كان عندنا ثالث ، فقال : أخبرني الله ، فقال : أشهد إنك لصادق ، وما علمت أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل اليوم ، وأسلم وأمر ابني أخيه فأسلما . قال ابن عباس وفيه نزل : ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى إن يعلم الله في قلوبكم ) الآية ، وقال ابن إسحاق عن يزيد بن رومان ، عن عروة ، عن الزهري ، عن جماعة سماهم قالوا : بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسرائهم ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا ، وقال العباس : يا رسول الله ، قد كنت مسلما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فالله يجزيك ، وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك ، وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب ، وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر ، قال : ما ذاك عندي يا رسول الله ، قال : فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل ؟ قال : فقلت لها : إن أصبت في سفري هذا ، فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم ، قال : والله إني لأعلم أنك رسول الله إن هذا شيء ما علمه أحد غيري ، وغير أم الفضل ، فاحسب لي يا رسول الله ، ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، ذاك شيء أعطانا الله منك ، ففدى نفسه ، وابني أخويه ، وحليفه ، فأنزل الله عز وجل فيه : ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى ) الآية ، قال العباس فأعطاني الله مكان العشرين أوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل " .

واختلفوا في الذي أسر العباس فقيل : ملك من الملائكة ، وقيل : أسره أبو اليسر كعب بن عمرو أخو بني سلمة الأنصاري ، وكان العباس جسيما ، وأبو اليسر مجموعا ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " كيف أسرت العباس ؟ فقال : أعانني عليه رجل ما رأيته قط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعانك عليه ملك كريم " ، وقيل: [ ص: 98 ] أسره عبيد الله بن أوس الأنصاري من بني ظفر ، وسمي بمقرن قال الواقدي : وإنما سمي به لأنه قرن بين العباس ونوفل وعقيل بحبل ، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لقد أعانك عليهم ملك كريم " ، وقال ابن إسحاق : ولما أسر العباس بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهرا تلك الليلة ، فقيل له : ما لك لا تنام ؟ فقال : " يمنعني أمر العباس " ، وكان موثقا بالقيد ، فأطلقوه ، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية