صفحة جزء
2427 1 - حدثنا عاصم بن علي قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ، ولو فرسن شاة .


مطابقته للترجمة من حيث إن فيه تحريضا على الخير إلى أحد ، ولو كان بشيء حقير ، وهو داخل في معنى الهبة من حيث اللغة .

( ذكر رجاله ) وهم أربعة على رواية الأصيلي ، وكريمة ، وفي رواية الأكثرين خمسة الأول : عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب أبو الحسين مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، مات سنة إحدى وعشرين ومائتين ، الثاني : محمد بن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئب ، واسمه هشام ، الثالث : سعيد المقبري ، الرابع : أبوه كيسان ، الخامس : أبو هريرة ، وكيسان سقط في رواية الأصيلي ، والصواب إثباته ، وقال الدارقطني : رواه عن ابن أبي ذئب يحيى القطان ، وأبو معشر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة من غير ذكر أبيه ، وأخرجه الترمذي من طريق أبي معشر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة لم يقل : عن أبيه ، وزاد في أوله : تهادوا ، فإن الهدية تذهب وحر الصدر ، وقال : غريب ، وأبو معشر يضعف ، وقال الطرقي : إنه أخطأ فيه حيث لم يقل : عن أبيه .

( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه أن شيخه من أهل واسط وأنه من أفراده ، وبقية الرواة مدنيون ، وفيه أن أحدهم مذكور بنسبته إلى أحد أجداده كما ذكرنا ، والآخر مذكور بنسبته إلى مقبرة المدينة لأجل سكناه فيها ، والحديث أخرجه مسلم ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرنا الليث بن سعيد ، وحدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا ليث ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كان يقول : " يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ، ولو فرسن شاة " .

( ذكر معناه ) قوله : " يا نساء المسلمات " ذكر عياض في إعرابه ثلاثة أوجه أصحها وأشهرها نصب النساء ، وجر المسلمات على الإضافة ، قال الباجي : وبهذا رويناه عن جميع شيوخنا بالمشرق وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه ، والموصوف إلى صفته ، والأعم إلى الأخص ، كمسجد الجامع ، وجانب الغربي ، وهو عند الكوفيين جائز على ظاهره ، وعند البصريين [ ص: 126 ] يقدرون فيه محذوفا ، أي مسجد المكان الجامع ، وجانب المكان الغربي ، ويقدر هنا " يا نساء الأنفس المسلمات " أو الجماعات المؤمنات ، وقيل : تقديره : يا فاضلات المسلمات ، كما يقال : هؤلاء رجال القوم ، أي ساداتهم وأفاضلهم . الوجه الثاني : رفع النساء ورفع المسلمات على معنى النداء والصفة ، أي : يا أيتها النساء المسلمات ، قال الباجي : كذا يرويه أهل بلدنا ، الوجه الثالث : رفع النساء وكسر التاء من المسلمات على أنه منصوب على الصفة على الموضع كما يقال : يا زيد العاقل برفع زيد ونصب العاقل ، قوله : " جارة " الجارة مؤنث الجار ، ويقال للزوجة : جار ، لأنها تجاور زوجها في محل واحد ، وقيل : العرب تكني عن الضرة بالجارة تطيرا من الضرر ، ومنه كان ابن عباس ينام بين جارتيه ، قوله : " لجارتها " ظاهره المرأة التي تجاور المرأة التي تسمى جارة مؤنث الجار ، وقال الكرماني : " لجارتها " متعلق بمحذوف أي لا تحقرن جارة هدية مهداة لجارتها بالغ فيه حتى ذكر أحقر الأشياء من أبغض البغيضين إذا حمل لفظ الجارة على الضرة ، وجارتها بالضمير في رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر : " لا تحقرن جارة لجارة " بلا ضمير ، قوله : " ولو فرسن شاة " يعني ولو أنها تهدي فرسن شاة ، والمراد منه المبالغة في إهداء الشيء اليسير لا حقيقة الفرسن ، لأنه لم تجر العادة في المهاداة به ، والمقصود أنها تهدي بحسب الموجود عندها ، ولا يستحقر لقلته لأن الجود بحسب الموجود ، والوجود خير من العدم ، هذا ظاهر الكلام ، ويحتمل أن يكون النهي واقعا للمهدى إليها ، وأنها لا تحتقر ما يهدى إليها ، ولو كان حقيرا ، والفرسن بكسر الفاء وسكون الراء وكسر السين المهملة ، وفي آخره نون ، قال ابن دريد : هو ظاهر الخف ، والجمع فراسن ، وفي المحكم : هي طرف خف البعير انتهى ، حكاه سيبويه في الثلاثي ، ولا يقال في جمعه فرسنات ، كما قالوا : خناصر ، ولم يقولوا : خنصرات ، وفي المخصص : هو عند سيبويه فعلن ، ولم يحك في الأسماء غيره ، وقال أبو عبيد السلامي : عظام الفرس كلها ، وفي الجامع : هو من البعير بمنزلة الظفر من الإنسان ، وفي المغيث : هو عظم قليل اللحم ، وهو للشاة والبعير بمنزلة الحافر للدابة ، وقيل : هو خف البعير ، وفي الصحاح : ربما استعير للشاة ، وقالابن السراج : النون زائدة ، وقال الأصمعي : الفرسن ما دون الرسغ من يد البعير ، وهي مؤنثة ، وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير لما فيه من استجلاب المودة ، وإذهاب الشحناء ، ولما فيه من التعاون على أمر المعيشة والهدية إذا كانت يسيرة فهي أدل على المودة ، وأسقط للمؤنة وأسهل على المهدي لاطراح التكليف ، والكثير قد لا يتيسر كل وقت والمواصلة باليسير تكون كالكثير .

التالي السابق


الخدمات العلمية