صفحة جزء
2445 19 - حدثنا مسدد قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن هشام ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها .


مطابقته للترجمة إنما تتأتى إذا أريد بلفظ الهبة في الترجمة معناها الأعم ، وهشام هو ابن عروة بن الزبير يروي عن أبيه عروة .

والحديث أخرجه أبو داود في البيوع عن علي بن بحر وعبد الرحيم بن مطرف ، وأخرجه الترمذي في البر عن يحيى بن أكثم وعلي بن خشرم ، وفي الشمائل عن علي بن خشرم وغير واحد ; كلهم عن عيسى بن يونس به .

قوله ( عن هشام ) ، وفي رواية الإسماعيلي " عن عيسى بن يونس ، حدثنا هشام " .

قوله ( ويثيب عليها ) من أثاب يثيب ; أي يكافئ عليها بأن يعطي صاحبها العوض ، والمكافأة على الهدية مطلوبة اقتداء بالشارع ، قال صاحب التوضيح : وعندنا لا يجب فيها ثواب مطلقا سواء وهب الأعلى للأدنى أو عكسه أو للمساوي . قال المهلب : والهدية ضربان للمكافأة ، فهي بيع ويجبر على دفع العوض ، ولله تعالى وللصلة فلا يلزم عليه مكافأة وإن فعل فقد أحسن .

واختلف العلماء فيمن وهب هبة ثم طلب ثوابها وقال : إنما أردت الثواب ! فقال مالك : ينظر فيه ، فإن كان مثله من يطلب الثواب من الموهوب له فله ذلك مثل هبة الفقير للغني والغلام لصاحبه والرجل لامرأته ومن فوقه ، وهو أحد قولي الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يكون له إذا لم يشرطه ، وهو قول الشافعي الثاني . واحتج مالك بحديث الباب والاقتداء به واجب ، قال الله تعالى : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وروى أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس أن أعرابيا وهب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأثابه عليها وقال : رضيت ؟ فقال : لا . فزاده ، قال : رضيت ؟ قال : لا . فزاده ، قال : رضيت ؟ قال : نعم . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لا أتهب هبة إلا من قريشي أو أنصاري أو ثقفي . وعن أبي هريرة نحوه ، رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال : حسن . وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، وهو دال على الثواب فيها وإن لم يشرط لأنه - صلى الله عليه وسلم - أثابه وزاده فيه حتى بلغ رضاه ، واحتج به من أوجبه . قال : ولو لم يكن واجبا لم يثبه ولم يزده ، ولو أثاب تطوعا لم تلزمه الزيادة وكان ينكر على الأعرابي طلبها . قلت : طمع في مكارم أخلاقه وعادته في الإثابة . وقال ابن التين : إذا شرط الثواب أجازه الجماعة إلا عبد الملك ، وله عند الجماعة أن يردها ما لم يتغير إلا عند مالك فألزمه الثواب بنفس القبول ، وعبارة ابن الحاجب : وإذا صرح بالثواب فإن عينه فبيع ، وإن لم يعينه فصححه ابن القاسم ومنعه بعضهم للجهل بالثمن . قال : ولا يلزم الموهوب له إلا قيمتها قائمة أو فائتة . وقال مطرف : للواهب أن يأبى إن كانت قائمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية