صفحة جزء
2459 وقال ابن عمر : كنت على بكر صعب ، فاشتراه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : هو لك يا عبد الله .


هذا التعليق ذكره البخاري موصولا في كتاب البيوع في باب " إذا اشترى شيئا فوهبه من ساعته " ، وقد تقدم الكلام [ ص: 158 ] فيه هناك مشروحا ، ووجه إيراده هنا لبيان كيفية قبض الموهوب ، والموهوب هنا متاع فاكتفى فيه بكونه في يد البائع ولم يحتج إلى قبض آخر . وقال ابن بطال : كيفية القبض عند العلماء بإسلام الواهب لها إلى الموهوب له وحيازة الموهوب لذلك ، كركوب ابن عمر الجمل .

واختلفوا في الحيازة هل هي شرط لصحة الهبة أم لا ; فقال بعضهم شرط ، وهو قول أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان وابن عباس ومعاذ وشريح ومسروق والشعبي والثوري والشافعي والكوفيين ، وقالوا : ليس للموهوب له مطالبة الواهب بالتسليم إليه لأنها ما لم يقبض عدة فيحسن الوفاء ولا يقضى عليه . وقال آخرون : تصح بالكلام دون القبض كالبيع ، روي عن علي وابن مسعود والحسن البصري والنخعي كذلك ، وبه قال مالك وأحمد وأبو ثور ، إلا أن أحمد وأبا ثور قالا : للموهوب له المطالبة بها في حياة الواهب ، وإن مات بطلت الهبة . فإن قلت : إذا تعين في الهبة حق الموهوب له وجب له مطالبة الواهب في حياته فكذلك بعد مماته كسائر الحقوق - قلت : هذا هو القياس لولا حكم الصديق بين ظهراني الصحابة وهم متوافرون فيما وهبه لابنته جداد عشرين وسقا من ماله بالغابة ولم تكن قبضتها ، وقال لها : لو كنت خزنته كان ذلك ، وإنما هو اليوم مال وارث . ولم يرو عن أحد من الصحابة أنه أنكر قوله ذلك ولا رد عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية