صفحة جزء
2473 47 - وقال أبو هريرة : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل قرية فيها مالك أو جبار ، فقال : أعطوها آجر .


ذكر هذا التعليق مختصرا ، وأخرجه موصولا في كتاب البيوع في باب شراء المملوك من الحربي ، وقد تقدم الكلام فيه هناك ، وأخرجه أيضا موصولا في أحاديث الأنبياء عليهم السلام .

وقصته على ما قال علماء السير أن إبراهيم أقام بالشام مدة ، فقحط الشام فسار إلى مصر ومعه سارة ولوط عليهم السلام ، وكان بها فرعون ، وهو أول الفراعنة ، عاش دهرا طويلا ، واختلفوا فيه ; فقال قوم هو سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن ود بن سام بن نوح عليه السلام ، وقيل سنان بن الأهبوب أخو الضحاك وهو الذي بعثه إلى مصر وأقام بها ، وقيل عمرو بن امرئ القيس بن نابليون بن سبأ ، وقيل طوليس . وكانت سارة من أجمل النساء ، وكانت لا تعصي لإبراهيم عليه السلام شيئا فلذلك أكرمها الله تعالى ، فأتى الجبار رجل وقال : إنه قدم رجل ومعه امرأة من أحسن الناس وجها ! ووصف له حسنها وجمالها ، فأرسل الجبار إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال : ما هذه المرأة منك ؟ قال : هي أختي . وخاف إن قال امرأتي أن يقتله ، فقال له : زينها وأرسلها إلي ولا تمتنع حتى أنظر إليها . فرجع إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سارة وقال لها : إن هذا الجبار قد سألني عنك فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني عنده فإنك أختي في كتاب الله تعالى ، وإنه ليس في هذه الأرض مسلم غيري وغيرك ولوط . ثم أقبلت سارة إلى الجبار ، وقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام يصلي ، فلما دخلت عليه ورآها فتناولها بيده فيبست إلى صدره ، فلما رأى ذلك فرعون أعظم أمرها وقال لها : سلي إلهك أن يطلق عني ، فوالله لا أوذيك . فقالت سارة : اللهم إن كان صادقا فأطلق له يده ! فأطلق الله له يده ، وقيل فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما رأى ذلك ردها إلى إبراهيم ووهب لها هاجر وهي التي ذكرت في حديث الباب " آجر " وهي لغة في هاجر ، فأقبلت سارة إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام فلما أحس بها انفتل من صلاته فقال : مهيم ؟ فقالت : كفى الله كيد الفاجر وأخدمني هاجر .

واختلفوا في هاجر ; فقال مقاتل : كانت من ولد هود عليه الصلاة والسلام . وقال الضحاك : كانت بنت ملك مصر ، وكان الملك ساكنا بمنف وعليه ملك آخر . وقيل : إنما غلبه فرعون فقتله وسبى ابنته فاسترقها ووهبها لسارة ، ووهبتها سارة لإبراهيم فواقعها إبراهيم عليه الصلاة والسلام فولدت إسماعيل ، وسارة بنت هاران أخ إبراهيم عليه الصلاة والسلام . قال ابن كثير : والمشهور أن سارة ابنة عمه هاران أخت لوط عليه الصلاة والسلام كما حكاه السهيلي ، ومن ادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذ ذاك مشروعا فليس له على ذلك دليل ، ولو فرض أنه كان مشروعا وهو منقول عن الربانيين من اليهود كان الأنبياء عليهم السلام لا يتعاطونه . وقال السدي : وكانت سارة بنت ملك حران ، وكان [ ص: 170 ] قد بلغها خبر الخليل عليه الصلاة والسلام فآمنت به وعابت على قومها عبادة الأوثان ، فلما قدم الخليل حران تزوجته على أن لا يغيرها ، وذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة : سارة ، وأم موسى ، ومريم - عليهن السلام ، والذي عليه الجمهور أنهن صديقات .

التالي السابق


الخدمات العلمية