صفحة جزء
2476 وقول الله تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين


" وقول الله " بالجر عطف على قوله " الهدية " ; أي وفي بيان قول الله تعالى : لا ينهاكم الله إلى آخر الآية في رواية أبي ذر وأبي الوقت ، وفي رواية الباقين ذكر إلى قوله " وتقسطوا إليهم " ، والمراد من ذكر الآية بيان من تجوز له الهدية من المشركين ومن لا تجوز ، وليس حكم الهدية إليهم على الإطلاق .

ثم الآية الكريمة نزلت في قتيلة امرأة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، وكان قد طلقها في الجاهلية ، فقدمت على ابنتها أسماء بنت أبي بكر فأهدت لها قرظا وأشياء فكرهت قبولها حتى ذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية المذكورة ، كذا قاله الطبري . وقيل : نزلت في مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين ولم يخرجوهم من ديارهم . وقال مجاهد : هو خطاب للمؤمنين الذين بقوا بمكة ولم يهاجروا والذين قاتلهم كفار أهل مكة . وقال السدي : كان هذا [ ص: 173 ] قبل أن يؤمروا بقتال المشركين كافة ، فاستشار المسلمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قراباتهم من المشركين أن يبروهم ويصلوهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال قتادة وابن زيد : ثم نسخ ذلك ، ولا يجوز الإهداء للمشركين إلا للأبوين خاصة ; لأن الهدية فيها تأنيس للمهدى إليه وإلطاف له وتثبيت لمودته ، وقد نهى الله تعالى عن التودد للمشركين بقوله : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية ، وقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة قوله أن تبروهم وتقسطوا إليهم ; أي أن تحسنوا إليهم وتعاملوهم فيما بينكم بالعدل ، وتقسطوا - بضم التاء - من الإقساط وهو العدل ، يقال أقسط يقسط فهو مقسط إذا عدل ، وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار ، فكأن الهمزة في أقسط للسلب كما يقال شكا إليه فأشكاه أي أزال شكواه .

التالي السابق


الخدمات العلمية