صفحة جزء
2493 باب إذا حمل رجل على فرس فهو كالعمرى والصدقة


أي : هذا باب يذكر فيه إذا حمل رجل على فرس ، أي تصدق به ووهبه بأن يقاتل عليه في سبيل الله ، ونذكر الآن هل المراد من الحمل التمليك أو التحبيس .

قوله ( فهو كالعمرى ) ; أي فحكمه كحكم العمرى وحكم الصدقة ، يعني لا رجوع فيه كما لا رجوع في العمرى والصدقة ، أما العمرى فلقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : من أعمر عمرى فهي للمعمر له ولورثته من بعده . وأما الصدقة فإنه يراد بها وجه الله تعالى فتقع جميع العين لله تعالى ، وإنما تصير للفقير نيابة عن الله تعالى بحكم الرزق الموعود ، فلا يبقى محل للرجوع ، ولكن إطلاق الترجمة لا يساعد ما ذهب إليه البخاري ; لأن المراد بالحمل على الفرس إن كان بقوله هو لك يكون تمليكا ، قال ابن بطال : فهو كالصدقة ، فإذا قبضها لم يجز الرجوع فيها . وإن كان مراده التحبيس في سبيل الله قال ابن بطال : هو كالوقف لا يجوز الرجوع فيه عند الجمهور ، وعن أبي حنيفة أن الحبس باطل في كل شيء . قال الداودي : قول البخاري " هو كالعمرى والصدقة " تحكم بغير تأمل ، وقول من ذكر من الناس أصح ; لأنهم يقولون المسلمون على شروطهم . قلت : عند الحنفية قول الرجل حملتك على هذا الفرس لا يكون هبة إلا بالنية ; لأن الحمل هو الإركاب حقيقة فيكون عارية ولكنه يحتمل الهبة ، يقال حمل الأمير فلانا على الفرس معناه ملكه إياه ، فيحمل على التمليك عند نيته لأنه نوى ما يحتمله لفظه ، وفيه تشديد عليه فتعتبر نيته . وأما قول أبي حنيفة أن الحبس باطل ليس في شيء معين ، وإنما هو عام كما قال ابن بطال ناقلا عنه أن الحبس باطل في كل شيء ، وليس هو منفردا بهذا القول ، وقد قال شريح القاضي بذلك قبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية