صفحة جزء
2501 10 - حدثنا آدم قال : حدثنا شعبة قال : أخبرنا الحكم ، عن عراك بن مالك ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذن علي أفلح فلم آذن له ، فقال : أتحتجبين مني وأنا عمك ؟ فقلت : وكيف ذلك ؟ قال : أرضعتك امرأة أخي بلبن أخي ، فقالت : سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صدق أفلح ائذني له .


مطابقته لجزء الترجمة التي هي قوله : " والتثبت فيه " وذلك لأن عائشة رضي الله تعالى عنها قد تثبتت في أمر حكم الرضاع الذي كان بينها وبين أفلح المذكور ، والدليل على تثبتها أنها ما أذنت له حتى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، والحكم بفتحتين هو ابن عتيبة مصغر عتبة الباب ، وقد تكرر ذكره ، وعراك بكسر العين المهملة وتخفيف الراء .

وهذا الحديث أخرجه بقية الستة ، وأخرجه مسلم والنسائي في النكاح من رواية عراك عن عروة عنها ، وأخرجه البخاري أيضا ومسلم والنسائي في النكاح من رواية مالك عن الزهري عن عروة عنها ، وأخرجه مسلم أيضا والنسائي وابن ماجه في النكاح من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عنها ، وأخرجه مسلم أيضا في النكاح من رواية يونس عن الزهري عن عروة عنها ، وأخرجه البخاري أيضا في الأدب عن حسان بن موسى ، ومسلم في النكاح عن إسحاق بن إبراهيم ، والنسائي فيه ، وفي الطلاق عن عمرو بن علي ، الكل من رواية معمر بن راشد عن الزهري عن عروة عنها ، وأخرجه مسلم أيضا في النكاح عن ابن أبي شيبة ، والترمذي في الرضاع عن الحسن بن علي من رواية عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عنها ، وأخرجه مسلم أيضا والنسائي في النكاح من رواية عطاء بن أبي رباح عن عروة عنها ، وأخرجه البخاري أيضا في التفسير من حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن عروة عنها ، وأخرجه أبو داود في النكاح عن محمد بن كثير عن سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عنها .

( ذكر معناه ) : قوله : " استأذن " أي : طلب الإذن وفاعله قوله : " أفلح " وقوله علي بتشديد الياء .

وقد اختلف في أفلح هذا ، فقيل : ابن أبي القعيس بضم القاف وفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره سين مهملة ، وقال أبو عمر : قيل : أبو القعيس ، وقيل : أخو أبو القعيس ، وأصحها ما قال مالك ومن تابعه عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة : جاء أفلح أخو أبي القعيس ، ويقال : إنه من الأشعريين ، وقيل : إن اسم أبي القعيس الجعد ، ويقال : أفلح يكنى أبا الجعيد ، وقيل : اسم أبي القعيس وائل بن أفلح ، وقيل : أفلح بن أبي الجعد روى ذلك عبد الرزاق ، وقيل أيضا : عمي أبو الجعد ، وفي ( صحيح الإسماعيلي ) أفلح بن قعيس أو ابن أبي القعيس ، وقال ابن الجوزي : قال هشام بن عروة : إنما هو أبو القعيس أفلح قال : وهذا ليس بصحيح إنما هو أبو الجعد أخو أبي القعيس . وقال النووي : اختلف العلماء في عم عائشة المذكور فقال أبو الحسن القابسي : هما عمان لعائشة من الرضاعة ، أحدهما أخو أبيها أبي بكر من الرضاعة الذي هو أبو القعيس ، وأبو القعيس أبوها من الرضاعة وأخوه أفلح عمها ، وقيل : هو عم واحد وهو غلط ، فإن عمها في الحديث الأول ميت ، وفي الثاني حي جاء يستأذن .

( قلت ) : المراد من الحديث الأول هو ما قالت عائشة : يا رسول الله لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل علي ؟ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " نعم إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة " ثم قال النووي : والصواب ما قاله القاضي ، فإنه ذكر القولين ثم قال : قول القابسي أشبه لأنه لو كان واحدا لفهمت حكمه من المرة الأولى ولم يحتجب منه بعد ذلك .

( فإن قيل ) : فإذا كانا عمين كيف سألت عن الميت وأعلمها النبي صلى الله عليه وسلم أنه عم لها يدخل عليها ، واحتجبت عن عمها الآخر أخي أبي القعيس حتى أعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عمها يدخل عليها ، فهلا اكتفت بأحد السؤالين ، فالجواب أنه يحتمل أن أحدهما كان عما من أحد الأبوين والآخر منهما أو [ ص: 204 ] عما أعلى والآخر أدنى أو نحو ذلك من الاختلاف ، فخافت أن تكون الإباحة مختصة بصاحب الوصف المسئول عنه أولا والله أعلم انتهى .

وقال القرطبي : أو يحتمل أنها نسيت القصة الأولى فأنشأت سؤالا آخر أو جوزت تبديل الحكم .

( ذكر ما يستفاد منه ) فيه ثبوت المحرمية بينها وبين عمها من الرضاعة . وفيه أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها ، ويجب عليها الاحتجاب منه ، وهو كذلك إجماعا بعد أن نزلت آية الحجاب ، وما ورد من بروز النساء فإنما كان قبل نزول الحجاب ، وكانت قصة أفلح مع عائشة بعد نزول الحجاب كما ثبت في الصحيحين من طريق مالك أن ذلك كان بعد أن نزل الحجاب . وفيه مشروعية الاستئذان ولو في حق المحرم لجواز أن تكون المرأة على حال لا يحل للمحرم أن يراها عليه . وفيه أن الأمر المتردد فيه بين التحريم والإباحة ليس لمن لم يترجح أحد الطرفين الإقدام عليه . وفيه جواز الخلوة والنظر إلى غير العورة للمحرم بالرضاع ولكن إنما يثبت في محرمية الرضاع تحريم النكاح وجواز النظر والخلوة والمسافرة بها ، ولا تثبت بقية الأحكام من كل وجه من الميراث ووجوب النفقة والعتق بالملك والعقل عنها ورد الشهادة وسقوط القصاص ، ولو كان أبا أو أما فإنهما كالأجنبي في سائر هذه الأحكام .

التالي السابق


الخدمات العلمية