صفحة جزء
2551 8 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا غندر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : " لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابا فكتب : محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال المشركون : لا تكتب محمد رسول الله لو كنت رسولا لم نقاتلك ، فقال لعلي : امحه ، فقال علي : ما أنا بالذي أمحاه ، فمحاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام ولا يدخلوها إلا بجلبان السلاح ، فسألوه ما جلبان السلاح ؟ فقال : القراب بما فيه "


مطابقته للترجمة في قوله فكتب محمد رسول الله حيث لم يذكر اسم أبيه ولا اسم جده لأنه لم يكن هذا الاسم إلا له كما ذكرناه عن قريب ، وغندر هو محمد بن جعفر ، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي .

والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن أبي موسى وبندار كلاهما ، وعن غندر وعن عبيد الله بن معاذ عن أبيه ، وأخرجه أبو داود في الحج عن أحمد بن حنبل عن غندر .

قوله : ( امحه ) أمر بفتح الحاء وضمها يقال : محوت الشيء أمحوه وأمحاه ، وقول علي رضي الله تعالى عنه : ما أنا بالذي أمحاه ، ليس بمخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب ، قوله : ( إلا بجلبان السلاح ) بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة كذا ضبطه ابن قتيبة ، وبعض المحدثين قال : وهو أوعية السلاح بما فيها ، قال : وما أراه سمي به إلا بجفائه ، ولذلك قيل للمرأة الجافية الغليظة جلبانة ، وقد فسر في الحديث بأنها القراب بكسر القاف وتخفيف الراء وفي آخره باء موحدة وهو شيء يخرز من الجلد يضع فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه ويعلقه في الرحل ، وقال [ ص: 276 ] الأزهري : القراب غمد السيف ، والجلبان من الجلبة وهي الجلدة التي تجعل على القتب والجلدة التي تغشى التميمة لأنها كالغشاء للقراب ، قال الخطابي : الجلبان يشبه الجراب من الأدم يضع الراكب فيه سيفه بقرابه ويضع فيه سوطه يعلقه الراكب من وسط رحله أو من آخره ، ويحتمل أن تكون اللام ساكنة وهو جلب بضم الجيم واللام وتشديد الباء ، ودليله قوله في رواية مؤمل عن سفيان : " إلا بجلب السلاح " قال : وجلب نفس السلاح ، كجلب الرحل نفس عيبته ، كأنه يراد به نفس السلاح وهو السيف خاصة من غير أن يكون معه من أدوات الحرب من لأمة ورمح وجحفة ونحوها ليكون علامة للأمن ، والعرب لا تضع السلاح إلا في الأمن ، قال : وقد جاء جربان السيف في هذا المعنى ، وقال الأصمعي : الجربان قراب السيف فلا ينكر أن يكون ذلك من باب تعاقب اللام والراء والذي ضبطه في أكثر الكتب بجلب السلاح بضم اللام وتشديد الباء ، وضبطه الجوهري وابن فارس جربان بضم الراء وتشديد الباء ، وقال ابن فارس : جربان السيف قرابه ، وقيل حده ، قوله : ( القراب بما فيه ) تفسير الجلبان ، وفسر أيضا بالسيف والقوس ونحوه ، وفي رواية : " لا يدخل مكة سلاحا إلا في القراب " وفي لفظ : " ولا يحمل سلاحا إلا سيوفا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية