صفحة جزء
2557 [ ص: 282 ] ( باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي رضي الله عنهما : ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين )


أي هذا باب في ذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما إلى آخره ، قوله : ( ابني هذا ) جملة اسمية لأن قوله ابني خبر عن قوله هذا ، قوله : ( سيد ) خبر بعد خبر ، والسيد الرئيس ، قال كراع : وجمعه سادة ، قيل : سادة جمع سائد وهو من السودد وهو الشرف ، وقال ابن سيده : وقد يهمز السؤدد وتضم ، وقد سادهم سودا وسوددا وسيادة وسيدودة ، واستادهم كسادهم وسوده هو ، وذكر الزبيدي في كتابه ( طبقات النحويين ) أن أبا محمد الأعرابي قال لإبراهيم بن الحجاج الثائر بأشبيلية : بالله أيها الأمير ما سيدتك العرب إلا بحقك يقولها بالياء ، فلما أنكر عليه قال : السواد السخام ، وأصر على أن الصواب معه ومالأه على ذلك الأمير لعظم منزلته في العلم ، وقيل : اشتقاق السيد من السواد أي الذي يلي السواد العظيم من الناس ، قوله : ( ولعل الله ) استعمل لعل استعمال عسى لاشتراكهما في الرجاء ، قوله : ( فئتين عظيمتين ) ووصفهما بالعظيمتين لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين فرقة مع الحسن رضي الله تعالى عنه وفرقة مع معاوية ، وهذه معجزة عظيمة من النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - حيث أخبر بهذا فوقع مثل ما أخبر .

وأصل القضية أن علي بن أبي طالب لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين من الهجرة قاله ابن الجوزي ، وقال ابن الهيثم : ضربه في ليلة سبعة وعشرين من رمضان ، وقال أبو اليقظان : في الليلة السابعة عشرة من رمضان ، وقال الحسن : كانت ليلة القدر الليلة التي عرج فيها بعيسى عليه الصلاة والسلام ونبئ فيها رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - ومات فيها موسى ويوشع بن نون عليهما السلام ، مكث يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين من الهجرة ، وبويع لابنه الحسن بالخلافة في شهر رمضان من هذه السنة ، فقيل في اليوم الذي استشهد فيه علي قاله الواقدي ، وقيل في الليلة التي دفن فيها ، وقيل بعد وفاته بيومين ، قال هشام : وأقام الحسن أياما مفكرا في أمره ثم رأى اختلاف الناس فرقة من جهته وفرقة من جهة معاوية ولا يستقيم الأمر ، ورأى النظر في إصلاح المسلمين وحقن دمائهم أولى من النظر في حقه ، سلم الخلافة لمعاوية في الخامس من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ، وقيل من ربيع الآخر ، وقيل في غرة جمادى الأولى ، وكانت خلافته ستة أشهر إلا أياما ، وسمي هذا العام عام الجماعة ، وهذا الذي أخبر به النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم " لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية