صفحة جزء
248 باب الغسل بالصاع ونحوه


أي هذا باب في بيان حكم الغسل بالماء قدر ملء الصاع ; لأن الصاع اسم للخشبة فلا يتصور الغسل به . قوله : " ونحوه " ، أي : ونحو الصاع من الأواني التي يسع فيها ما يسع في الصاع . قال الجوهري : الصاع الذي يكال به وهو أربعة أمداد ، والجمع أصوع ، وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة ، والصواع لغة فيه ، ويقال : هو إناء يشرب فيه ، وقال ابن الأثير : الصاع مكيال يسع أربعة أمداد ، والمد مختلف فيه ، فقيل : هو رطل وثلث بالعراقي ، وبه قال الشافعي وفقهاء الحجاز ، وقيل : هو رطلان ، وبه أخذ أبو حنيفة وفقهاء العراق ، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثا أو ثمانية أرطال ، وقال عياض : جمع الصاع أصوع وآصع لكن الجاري على العربية أصوع لا غير ، والواحد صاع وصواع وصوع ، ويقال : أصؤع بالهمزة ، وهو مكيال لأهل المدينة معروف يسع أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال أبو عمر : قال الخليل : الصاع طاس يشرب فيه ، وفي ( المطالع ) يجمع على أصوع وصيعان ، وقال بعضهم : قال بعض الفقهاء من الحنفية وغيرهم : إن الصاع ثمانية أرطال وتمسكوا بما روى مجاهد عن عائشة رضي الله عنها أنه حرز الماء ثمانية أرطال والصحيح الأول فإن الحرز لا يعارض به التحديد ، انتهى . قلت : هذه العبارة تدل على أن هذا القائل لم يعرف أنه مذهب الإمام أبي حنيفة إذ لو عرف لم يأت بهذه العبارة ولم ينفرد بهذا بل ذهب إليه أيضا إبراهيم النخعي والحجاج بن أرطاة والحكم بن عتيبة وأحمد في رواية وتمسكوا في هذا بما أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح ، قال : حدثنا ابن أبي عمران ، قال : حدثنا محمد بن شجاع وسليمان بن بكار ، وأحمد بن منصور الزيادي ، قالوا : حدثنا يعلى بن عبيد عن موسى الجهني عن مجاهد ، قال : دخلنا على عائشة رضي الله تعالى عنها فاستسقى بعضنا فأتي بعس ، قالت عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بملء هذا . قال مجاهد : فحرزته فيما أحرز ثمانية أرطال تسعة أرطال .

[ ص: 197 ] عشرة أرطال
، وابن أبي عمران هو أحمد بن موسى بن عيسى الفقيه البغدادي نزيل مصر ، وثقه ابن يونس ومحمد بن شجاع البغدادي أبو عبد الله الثلجي بالثاء المثلثة فلأجل التكلم فيه ذكر معه شيخين آخرين أحدهما سليمان بن بكار أبو الربيع المصري والآخر أحمد بن منصور الزيادي شيخ ابن ماجه وأبو عوانة الإسفراييني . قال الدارقطني : ثقة ، ويعلى بن عبيد الإيادي روى له الجماعة وموسى بن عبد الله الجهني الكوفي روى له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ، والحديث أخرجه النسائي أيضا ، قال : حدثنا محمد بن عبيد ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن موسى الجهني ، قال : أتي مجاهد بقدح ، فقال : حرزته ثمانية أرطال ، فقال : حدثتني عائشة رضي الله تعالى عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا ، ثم قال المتمسكون به : مجاهد لم يشك في ثمانية ، وإنما شك فيما فوقها فثبت الثمانية بهذا الحديث وانتفى ما فوقها . قلت : الدليل على عدم شك مجاهد في الثمانية رواية النسائي ، ثم قول هذا القائل : والصحيح الأول غير صحيح ; لأن الأول فيه ذكر الفرق وهو كما ترى فيه أقوال ، فكيف يقول الحرز لا يعارض به التحديد ، ففي أي موضع التحديد المعين ، وأما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فالمذكور فيه الفرق الذي كان يغتسل منه النبي عليه الصلاة والسلام ، ولم يذكر مقدار الماء الذي كان يكون فيه هل هو ملؤه أو أقل من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية