صفحة جزء
2608 [ ص: 54 ] باب قول الله تعالى : وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه


أي هذا باب في بيان حكم قول الله تعالى : وإذا حضر القسمة الآية وتمامها وقولوا لهم قولا معروفا قوله : القسمة أي : القسمة الميراث . قوله : أولو القربى أي : ذوو القربى ممن ليس بوارث واليتامى والمساكين فارزقوهم منه أي : فارضخوا لهم من التركة نصيبا ، وكان ذلك واجبا في ابتداء الإسلام ، وقيل : كان مستحبا ، قال الزمخشري : والضمير في منه لما ترك الوالدان ، والأقربون .

ثم اختلفوا هل هو منسوخ أم لا على قولين ، فقالت طائفة : هي محكمة وليست بمنسوخة ، منهم مجاهد ، وأبو العالية ، والشعبي ، والحسن ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، ومكحول ، وإبراهيم النخعي ، وعطاء بن أبي رباح ، والزهري ، ويحيى بن يعمر ، قالوا : إنها واجبة ، وقال الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في هذه الآية ، قال : هي واجبة على أهل الميراث ما طابت به أنفسهم ، وهكذا روي عن ابن مسعود ، وأبي موسى ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وقال ابن جرير : حدثنا القاسم ، حدثنا الحسين ، حدثنا عباد بن العوام ، عن الحجاج ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال : هي قائمة يعمل بها ، قال الزهري : وهي محكمة ، وقالت طائفة : هي منسوخة ، وبه قال : سعيد بن المسيب ، وروى ابن مردويه ، وقال : حدثنا أسيد بن عاصم ، حدثنا سعيد بن عامر ، عن همام ، حدثنا قتادة ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : إنها منسوخة ، كانت قبل الفرائض كل ما ترك الرجل من مال أعطي منه اليتيم ، والفقير ، والمسكين وذوو القربى إذا حضروا القسمة ، ثم نسخ بعد ذلك ، نسختها المواريث ، فألحق الله بكل ذي حق حقه ، وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذوي قرابته حيث يشاء ، وهكذا روي عن عكرمة ، وأبي الشعثاء ، والقاسم بن محمد ، وأبي صالح ، وأبي مالك ، وزيد بن أسلم ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، ومقاتل بن حيان ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وهذا مذهب جمهور الفقهاء الأئمة الأربعة ، وأصحابهم . قوله : وقولوا لهم قولا معروفا المراد بالمعروف هنا أن يقول : خذ بارك الله لك ، هذا عند من يقول : إنها محكمة ، وأما عند من يقول : إنها منسوخة ، فهو أن يقول : إنه مال يتيم ، وما لي فيه شيء ، أو لست أملكه إنما هو للصغار .

التالي السابق


الخدمات العلمية