صفحة جزء
258 ( وأدخل ابن عمر والبراء بن عازب يده في الطهور ولم يغسلها ثم توضأ )


الكلام فيه على أنواع :

الأول : أن الواو في قوله : " وأدخل " ما هي ؟ قلت : قد ذكرت غير مرة أن هذه الواو تسمى واو الاستفتاح ، يستفتح بها كلامه ، وهو السماع من المشايخ الكبار .

الثاني : أن هذا الأثر غير مطابق للترجمة على الكمال ; لأن الترجمة مقيدة والأثر مطلق .

الثالث : أن هذا معلق ، أما أثر ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فقد وصله سعيد بن منصور بمعناه ، وأما أثر البراء فقد وصله ابن أبي شيبة بلفظ أنه أدخل يده في المطهرة قبل أن يغسلها ، فإن قلت : روى ابن أبي شيبة في ( مصنفه ) : أخبرنا محمد بن فضيل ،عن أبي سنان ضرار ، عن محارب ، عن ابن عمر قال : من اغترف من ماء وهو جنب فما بقي نجس ، [ ص: 208 ] وهذا يعارض ما ذكره البخاري . قلت : حملوا هذا على ما إذا كان بيده قذر توفيقا بين الأثرين ، وقال بعضهم : أو غسل للندب وترك للجواز . قلت : كيف يكون تركه للجواز إذا كان بيده قذر ، وإن لم يكن فلا يضر ، فلم يحصل التوفيق بينهما بما ذكره هذا القائل ، وهذا الأثر من أقوى الدلائل لمن ذهب من الحنفية إلى نجاسة الماء المستعمل فافهم .

الرابع : في معناه فقوله : " يده " ، أي : أدخل كل واحد منهما يده ، وفي رواية أبي الوقت : يديهما بالتثنية على الأصل ، وقال الكرماني : وفي بعض النسخ : يديهما ولم يغسلاهما ، ثم توضآ بالتثنية في المواضع الثلاث . قوله : " في الطهور " بفتح الطاء ، وهو الماء الذي يتطهر به في الوضوء والاغتسال .

الخامس : في حكم هذا الأثر ، وهو جواز إدخال الجنب يده في إناء الماء قبل أن يغسلها إذا لم يكن عليها نجاسة حقيقية ، وقال الشعبي : كان الصحابة يدخلون أيديهم الماء قبل أن يغسلوها وهم جنب ، وكذلك النساء ولا يفسد ذلك بعضهم على بعض ، وروي نحوه عن ابن سيرين وعطاء وسالم وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن جبير وابن المسيب .

التالي السابق


الخدمات العلمية