صفحة جزء
2642 ( باب الحور العين وصفتهن يحار فيها الطرف شديدة سواد العين شديدة بياض العين ، وزوجناهم أنكحناهم )


أي : هذا باب في بيان الحور العين وبيان صفتهن ، ووقع في رواية أبي ذر " الحور العين " بغير لفظ " باب " ، فعلى هذا يكون " الحور " مرفوع بأنه مبتدأ خبره محذوف ، تقديره : الحور العين وصفتهن ما نذكره ، و" العين " مرفوع أيضا على الوصفية . وقوله : " وصفتهن " أيضا مرفوع ، عطف على الحور . والحور ، بضم الحاء جمع الحوراء . وقال ابن سيده : الحور أن يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها ، وتستدير حدقتها ، وترق جفونها ، ويبيض ما حولها . وقيل : الحور شدة سواد المقلة في شدة بياضها في شدة بياض الجسد . وقيل : الحور أن تسود العين كلها ، مثل الظباء والبقر ، وليس في بني آدم حور ، وإنما قيل للنساء حور العيون لأنهن يشبهن بالظباء والبقر . وقال كراع : الحور أن يكون البياض محدقا بالسواد كله ، وإنما يكون هذا في البقر والظباء ، ثم يستعار للناس . وقال الأصمعي : لا أدري ما الحور في العين ، وقد حور حورا واحور ، وهو أحور ، وامرأة حوراء ، وعين حوراء ، والجمع حور ، والأعراب تسمي نساء الأمصار حواريات لبياضهن وتباعدهن عن قشف الأعرابيات بنظافتهن .

قوله : " العين " بكسر العين وسكون الياء ، جمع عيناء ، وهي الواسعة العين ، والرجل أعين ، وأصل الجمع بضم العين ، فكسرت لأجل الياء . قوله : " وصفتهن " يأتي بيان بعض صفتهن في آخر حديث الباب . فإن قلت : ما وجه إدخال هذا الباب بين هذه الأبواب المذكورة هنا ؟ قلت : لما ذكر درجات المجاهدين وذكر أن في الجنة مائة درجة وذكر أيضا أن فيها امرأة لو اطلعت . إلى آخره ، وهي من الحور العين ، ترجم لها بابا بطريق الاستطراد .

قوله : " يحار فيها الطرف " كلام مستأنف ، كأن قائلا يقول : ما من صفتهن ؟ فقال : يحار فيها الطرف ، أي : يتحير فيهن البصر لحسنها . وفي المغرب : الطرف تحريك الجفن بالنظر . وقال الزمخشري : الطرف لا يثنى ولا يجمع ، لأنه في الأصل مصدر . وقيل : ظن البخاري أن اشتقاق الحور من الحيرة حيث قال " يحار فيها الطرف " لأن أصله يحير ، نقلت حركة الياء إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا ، ومادته يائية ، والحور من الحور ومادته واوية ، وقال بعضهم : لعل البخاري لم يرد الاشتقاق الأصغر . قلت : لم يقل أحد الاشتقاق الأصغر ، وإنما قالوا الاشتقاق على ثلاثة أنواع : اشتقاق صغير واشتقاق كبير واشتقاق أكبر ، ولا يصح أن يكون الحور مشتقا من الحيرة على نوع من الأنواع الثلاثة ، ولا يخفى ذلك على من له بعض يد من علم الصرف .

قوله : " شديدة سواد العين " تفسير " العين " بالكسر في قوله : بالكسر في قوله : " الحور العين " . وكذلك قوله : " شديدة بياض العين " والعين فيهما بالفتح ، قوله : " وزوجناهم أنكحناهم " أشار بهذا إلى قوله تعالى في سورة الدخان : كذلك وزوجناهم بحور عين مناسبته للترجمة لأنها في الحور العين ، أي : كما أكرمناهم بجنات وعيون ولباس ، كذلك أكرمناهم بأن زوجناهم بحور عين . وتفسيره بقوله : " أنكحناهم " قول أبي عبيدة ، وفي لفظ له : " زوجناهم جعلناهم أزواجا " أي : اثنين اثنين ، كما تقول : زوجت النعل بالنعل .

التالي السابق


الخدمات العلمية