صفحة جزء
2670 وقوله : انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله " الآية


" وقوله " بالجر ، عطفا على قوله : " وجوب النفير " أي : وقول الله تعالى ، وفي بعض النسخ " وقول الله عز وجل " وقال سفيان الثوري عن أبيه عن أبي الضحى مسلم بن صبيح : هذه الآية : انفروا خفافا وثقالا أول ما نزل من سورة براءة . وقال [ ص: 121 ] أبو مالك الغفاري وابن الضحاك : هذه أول آية نزلت من براءة ، ثم نزل أولها وآخرها . وفي التفسير : قال جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم : لما نزلت آية الجهاد ; منا الثقيل وذو الحاجة والضيعة والشغل ، فنزل قوله تعالى : انفروا خفافا وثقالا ويقال : كان المقداد عظيما سمينا ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشكى إليه وسأل أن يأذن له ، فنزلت : " انفروا " الآية . أمر الله بالنفير العام مع الرسول صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب ، وحتم على المؤمنين في الخروج معه على كل حال في المنشط والمكره والعسر واليسر ، فقال : انفروا خفافا وثقالا وعن أبي طلحة : كهولا وشبانا ، ما سمع الله عذر أحد ، ثم خرج إلى الشام فقاتل حتى قتل . وهكذا روي عن ابن عباس وعكرمة والحسن البصري والشعبي ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم . وقال مجاهد : شبانا وشيوخا ، وأغنياء ومساكين . وقال الحكم بن عتيبة : مشاغيل وغير مشاغيل . وعن ابن عباس : انفروا نشاطا وغير نشاط ، وكذا قال قتادة ، وعن الحسن البصري : في العسر واليسر . وقيل : الخفاف أهل اليسرة ، والثقال أهل العسرة . وقيل : أصحاء ومرضى . وقيل : مقلين من السلاح ومكثرين . وقيل : رجالا وركبانا . وقيل : عزبانا ومتأهلين . وقال السدي : لما نزلت هذه الآية اشتد على الناس شأنها فنسخها الله تعالى فقال : ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله

قوله : " وخفافا " جمع خفيف ، و" ثقالا " جمع ثقيل ، وانتصابهما على الحال من الضمير الذي في " انفروا " . قوله : " وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم " إيجاب للجهاد بهما إن أمكن أو بأحدهما على حسب الحال . قوله : " ذلكم خير لكم " يعني في الدنيا والآخرة ، لأنكم تغرمون في النفقة قليلا فيغنمكم أموال عدوكم في الدنيا مع ما يدخر لكم من الكرامة في الآخرة إن كنتم تعلمون أن الله يريد الخير قوله : لو كان عرضا قريبا الآية ، نزلت في المنافقين في غزوة تبوك ، والمعنى : لو كان ما دعوا إليه غنيمة قريبة وسفرا قاصدا - أي سهلا قريبا - لاتبعوك طمعا في المال ولكن بعدت عليهم الشقة أي : السفر البعيد . وقرأ ابن عمير عبيد بكسر الشين ، وهي لغة قيس . قوله : وسيحلفون بالله أي : يحلفون بالله لكم إذا رجعتم إليهم لو استطعنا لخرجنا معكم أي : لو قدرنا وكان لنا سعة من المال لخرجنا معكم ، وذلك كذب منهم ونفاق ، لأنهم كانوا مياسير ذوي أموال ، قال الله تعالى : يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون وقال الزمخشري : يهلكون أنفسهم إما أن يكون بدلا من " سيحلفون " أو حالا بمعنى مهلكين ، والمعنى أنهم يوقعونها في الهلاك بحلفهم الكاذب ، وبما يحلفون عليه من التخلف .

التالي السابق


الخدمات العلمية