صفحة جزء
2676 باب قول الله تعالى : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين إلى قوله غفورا رحيما


أي : هذا باب في بيان سبب نزول قوله تعالى : لا يستوي القاعدون الآية ، والقاعدون جمع قاعد وأراد بهم القاعدين عن الجهاد ، وكلمة من للبيان والتبعيض ، وأريد بالجهاد غزوة بدر قاله ابن عباس ، وقال مقاتل : غزوة تبوك ، والضرر مثل العمى والعرج والمرض ، قوله : " والمجاهدون " عطف على قوله : " القاعدون " .

قوله : " وفضل الله المجاهدين " هذه الجملة موضحة للجملة الأولى التي فيها عدم استواء القاعدين والمجاهدين ، كأنه قيل : ما بالهم لا يستوون ؟ فأجيب بقوله : " فضل الله المجاهدين " قوله : " درجة " نصب بنزع الخافض ، وقيل : مصدر في معنى تفضيلا ، وقيل : حال ، أي : ذوي درجة ، قوله : " وكلا " أي : وكل فريق من القاعدين والمجاهدين ، قوله : " وعد الله الحسنى " أي : المثوبة الحسنى وهي الجنة ، قوله : " إلى قوله " غفورا رحيما " " أراد به تمام الآية ، وهو قوله على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما

قال الزمخشري : أجرا ، انتصب بفضل ; لأنه في معنى آجرهم أجرا ، قوله : " درجات " أي : في الجنة ، قال الزمخشري : ويجوز أن ينتصب درجات نصب درجة ، كما نقول : ضربه أسواطا ، بمعنى ضربات ، كأنه قيل : وفضلهم تفضيلا ، قوله : " ومغفرة ورحمة " بدل من أجرا وكان الله غفورا رحيما للفريقين .

فإن قلت : ما الحكمة في أن الله تعالى ذكر في أول الكلام درجة ، وفي آخره درجات . قلت : الأولى لتفضيل المجاهدين على أولي الضرر ، والثانية للتفضيل على غيرهم ، وقيل : الأولى درجة المدح والتعظيم ، والثانية منازل الجنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية