صفحة جزء
2686 56 - حدثني سعد بن حفص قال : حدثنا شيبان عن يحيى عن أبي سلمة أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة ، كل خزنة باب ، أي فل هلم ، قال أبو بكر : يا رسول الله ، ذاك الذي لا توى عليه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إني لأرجو أن تكون منهم .


مطابقته للترجمة ظاهرة ، وسعد بن حفص أبو محمد الطلحي الكوفي يقال له : الضخم ، وهو من أفراده ، وشيبان ، بفتح الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف وبالباء الموحدة ابن عبد الرحمن النحوي ، ويحيى هو ابن كثير ، وأبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف .

والحديث أخرجه البخاري أيضا في بدء الخلق عن آدم ، وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن رافع ، وعن محمد بن حاتم .

قوله : " من أنفق زوجين " أي : شيئين من أي نوع كان مما ينفق ، وقال الكرماني : والزوج خلاف الفرد ، وكل واحد منهما يسمى أيضا زوجا . قلت : ينبغي أن يطلق هنا على الواحد قطعا ، وقال الخطابي : يريد بالزوجين أن يشفع إلى كل شيء ما يشفعه من شيء مثله إن كان دراهم فبدرهمين ، وإن كان دنانير فبدينارين ، وإن كان سلاحا وغيره كذلك ، وقال الداودي : يقع الزوج على الواحد والاثنين ، وهنا على الواحد واحتج بقوله خلق الزوجين واعترضه ابن التين ، فقال : ليس قوله ببين . قلت : هذا بين فلا وجه لاعتراضه ، قوله : " خزنة الجنة " الخزنة جمع خازن ، وهو الذي يخزن تحت يده الأشياء ، قوله : " كل خزنة باب " قال بعضهم : كأنه من المقلوب . قلت : لا حاجة إلى قوله "كأنه" ; بل هو من المقلوب إذ أصله خزنة كل باب ، قوله : " أي فل " كلمة أي : حرف نداء وقوله : " فل " روي بضم اللام وفتحها وأصله فلان فحذف منه الألف والنون بغير ترخيم ولفظ فلان كناية عن اسم سمي به المحدث عنه ، ويقال في النداء : يا فل ، وإنما قلنا بغير ترخيم إذ لو كان ترخيما لقيل يا فلا ، قوله : " هلم " معناه تعال يستوي فيه الواحد والجمع في اللغة الحجازية ، وأهل نجد يقولون : هلم هلما هلموا ، قوله : " لا توى عليه " أي : لا ضياع عليه ، وقيل : لا هلاك من قولك توى المال يتوي توى ، وقال ابن فارس : التوى يمد ويقصر وأكثرهم على أنه مقصور ، وقال المهلب في هذا الحديث : إن الجهاد أفضل الأعمال ; لأن المجاهد يعطى أجر المصلي والصائم والمتصدق ، وإن لم يفعل ذلك ، ولأن باب الريان للصائمين ، وقد ذكر في هذا الحديث أن المجاهد يدعى من تلك الأبواب كلها بإنفاق قليل من المال في سبيل الله ، انتهى . قلت : هذا الذي ذكره إنما يتمشى على القول بأن المراد بقوله : " في سبيل الله " الجهاد ، والأكثرون على أن المراد به ما هو أعم من الجهاد وغيره من الأعمال الصالحة ، ويؤيد هذا ما جاء في الحديث من زيادة أخرجها أحمد وهي قوله فيه "لكل أهل عمل باب يدعون بذلك العمل" والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية