صفحة جزء
2730 100 - حدثنا يحيى بن يوسف قال : أخبرنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط لم يرض . لم يرفعه إسرائيل عن أبي حصين ، وزادنا عمرو قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة ، إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش ، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يؤذن له ، وإن شفع لم يشفع .


مطابقته للترجمة في قوله : " إن كان في الحراسة كان في الحراسة " .

ذكر رجاله : وهم عشرة أنفس ، الأول : يحيى بن يوسف بن أبي كريمة أبو يوسف ، الثاني : أبو بكر بن عياش، بفتح العين المهملة وتشديد الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة ابن سالم الحناط بالنون المقبري ، وقد اختلف في اسمه اختلافا كثيرا ، والصحيح أن اسمه كنيته ، الثالث : أبو حصين ، بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين ، واسمه عثمان بن عاصم الأسدي ، الرابع : أبو صالح ذكوان السمان الزيات ، الخامس : أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه - السادس : إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، السابع : محمد بن جحادة ، بضم الجيم وتخفيف الحاء المهملة الأودي ، ويقال : الأيامي ، الثامن : عمرو ، بفتح العين ابن مرزوق الباهلي بالباء الموحدة ، التاسع : عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر ، العاشر : أبوه عبد الله بن دينار .

ذكر لطائف إسناده : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد ، وفيه الإخبار بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في ثمانية مواضع ، وفيه أن شيخه يحيى بن يوسف الزمي نسبة إلى زم ، بفتح الزاي وتشديد الميم ، وهي بليدة بخراسان على نهر بلخ وسكن بغداد ، وهو من أفراده وأبو بكر بن عياش وأبو حصين وإسرائيل ومحمد بن جحادة كوفيون ، وأبو صالح وعبد الرحمن مدنيان ، وعمرو بن مرزوق بصري ، وهو من أفراده ، وفيه تابعيان عبد الله بن دينار وأبو صالح ، وفيه رواية الابن عن أبيه ، وهو عبد الرحمن يروي عن أبيه عبد الله .

ذكر تعدد موضعه ، ومن أخرجه غيره : أخرجه البخاري أيضا في الرقاق عن يحيى بن يوسف أيضا ، وأخرجه ابن ماجه في الزهد عن يعقوب بن حميد بن كاسب .

ذكر معناه : قوله : " تعس " بفتح التاء المثناة من فوق وكسر العين المهملة بعدها سين مهملة ، قال ابن التين : التعس الكب ، أي : عثر فسقط لوجهه ، قال : وذكره بعض أهل اللغة بفتح العين ، وقال ابن الأنباري : التعس الشر ، قال الله عز وجل فتعسا لهم وذكر ابن التياني عن قطرب : تعس وتعس شقي ، وعن علي بن حمزة بالكسر والفتح هلك ، وفي ( البارع ) : تعسه الله وأتعسه بمعنى نكسه ، وفي ( التهذيب ) قال شمر : لا أعرف تعسه الله ، ولكن يقال : تعس بنفسه وأتعسه الله ، وقيل : تعس إذا أخطأ حجته إن خاصم وبغيته إن طلب ، وقيل : التعس أن يخر على وجهه ، والنكس أن يخر على رأسه ، وقال الليث : التعس أن لا ينتعش من عثرته ، وأن ينكس في سفال ، وذكر الزجاج أن التعس في اللغة الانحطاط ، وفي ( المحكم ) : هو السقوط على أي وجه كان ، وقيل : هو البعد ، قوله : " عبد الدينار " مجاز عن حرصه عليه وتحمل الذلة لأجله ، أي : طلب ذلك قد استعبده ، وصار عمله كله في طلبهما كالعبادة لهما ، قوله : " والقطيفة " بفتح القاف وكسر الطاء دثار مخمل ، والجمع قطائف وقطف ، قوله : " والخميصة " [ ص: 172 ] بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم كساء أسود مربع له علمان ، قوله : " إن أعطي " على صيغة المجهول قال ابن بطال : أي : إن أعطي ما له عمل ورضي عن خالقه ، وإن لم يعط لم يرض ويتسخط بما قدر له ، فصح بهذا أنه عبد في طلب هذين فوجب الدعاء عليه بالتعس ; لأنه أوقف عمله على متاع الدنيا الفاني وترك النعيم الباقي ، قوله : " لم يرفعه إسرائيل " أي : لم يرفع الحديث إسرائيل بن يونس عن أبي حصين ; بل وقفه عليه ، وكذا محمد بن جحادة ، قوله : " وزادنا عمرو " وهو عمرو بن مرزوق أحد مشايخ البخاري ، ويروى وزاد لنا ، والذي زاد له هو قوله : " وانتكس " إلى آخره ، وروى أبو نعيم الأصبهاني حديث عمرو هذا عن حبيب بن الحسن عن يوسف القاضي ، حدثنا عمرو بن مرزوق ، أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله ، فذكره .

قوله : " وانتكس " بالسين المهملة ، أي : عاوده المرض كما بدأ به ، وقال الطيبي : أي : انقلب على رأسه ، وهو دعاء عليه بالخيبة ; لأن من انتكس فقد خاب وخسر ، وقال صاحب ( المطالع ) : ذكره بالشين المعجمة وفسره بالرجوع وجعله دعاء له لا عليه ، والأول أوجه ، قوله : " وإذا شيك " بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف بعدها كاف ، أي : إذا أصابته شوكة لا قدر على إخراجها بالمنقاش ، وهو معنى قوله : " فلا انتقش " بالقاف والشين المعجمة ، يقال : نقشت الشوكة إذا أخرجتها بالمنقاش ، ويقال : انتقش الرجل إذا سل الشوكة من قدمه ، وذكر ابن قتيبة أن بعضهم رواه بالعين المهملة بدل القاف ، ومعناه صحيح ، لكن مع ذكر الشوكة تقوى رواية القاف ، ووقع في رواية الأصيلي عن أبي زيد المروزي ، وإذا شئت بتاء مثناة من فوق بدل الكاف ، وهو خطأ فاحش ، وإنما خص إنقاش الشوك بالذكر ; لأن الإنقاش أسهل ما يتصور في المعاونة لمن أصابه مكروه ، فإذا نفي ذلك الأهون فيكون ما فوق ذلك منفيا بالطريق الأولى .

قوله : " طوبى لعبد " طوبى على وزن فعلى من الطيب ، فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واوا ، وطوبى اسم الجنة ، وقيل : هي شجرة فيها ، ويقال : طوبى لك وطوباك بالإضافة ، قوله : " آخذ " اسم فاعل من الأخذ مجرور ; لأنه صفة عبد ، والعنان بكسر العين لجام الفرس ، قوله : " أشعث صفة لعبد " بفتح الثاء ; لأن جره بالفتحة ; لأنه غير منصرف ، وقوله : " رأسه " مرفوع ; لأنه فاعل ، ويجوز في أشعث الرفع ، قاله الكرماني ، ولم يبين وجهه ، وقال بعضهم : ويجوز في أشعث الرفع على أنه صفة الرأس ، أي : رأسه أشعث . قلت : هذا الذي ذكره لا يصح عند المعربين ، والرأس فاعل أشعث ، وكيف يكون صفته والموصوف لا يتقدم على الصفة والتقدير الذي قدره يؤدي إلى إلغاء قوله : " رأسه " بعد قوله : " أشعث " ؟ وقال الطيبي : أشعث رأسه مغبرة قدماه حالان من قوله : " لعبد " لأنه موصوف .

قوله : " إن كان في الحراسة " أي : في حراسة العدو خوفا من أن يهجم العدو عليهم ، وذلك يكون في مقدمة الجيش ، والساقة مؤخرة الجيش ، والمعنى ائتماره لما أمر وإقامته حيث أقيم لا يفقد من مكانه بحال ، وإنما ذكر الحراسة والساقة ; لأنهما أشد مشقة وأكثر آفة ، الأول : عند دخولهم دار الحرب والآخر عند خروجهم منها .

فإن قلت : ما وجه اتحاد الشرط والجزاء ؟ قلت : وجه ذلك أنه يدل على فخامة الجزاء وكماله نحو : من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، أي : من كان في الساقة فهو في أمر عظيم ، أو المراد منه لازمه نحو : فعليه أن يأتي بلوازمه ويكون مشتغلا بخويصة عمله أو قلة ثوابه ، قوله : " إذا استأذن لم يؤذن له " إشارة إلى عدم التفاته إلى الدنيا وأربابها ، بحيث يفنى بكليته في نفسه ، لا يبتغي مالا ولا جاها عند الناس ; بل يكون عند الله وجيها ، ولم يقبل الناس شفاعته ، وعند الله يكون شفيعا مشفعا ، قوله : " لم يشفع " بفتح الفاء المشددة ، أي : لم تقبل شفاعته .

التالي السابق


الخدمات العلمية