صفحة جزء
270 26 - حدثنا يوسف بن عيسى ، قال : أخبرنا الفضل بن موسى ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن سالم ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس ، عن ميمونة ، قالت : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءا للجنابة ، فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثا ، ثم غسل فرجه ، ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا ، ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ، ثم أفاض على رأسه الماء ، ثم غسل جسده ، ثم تنحى فغسل رجليه .


اختلف الشراح في وجه مطابقة هذا الحديث للترجمة ، فقال ابن بطال : حديث عائشة الذي في الباب قبله أليق في الترجمة ، فإن فيه : ثم غسل سائر جسده ، وأما حديث الباب ففيه : ثم غسل جسده ، فدخل في عمومه مواضع الوضوء فلا يطابق . قوله : " ولم يعد غسل مواضع الوضوء " وأجاب ابن المنير بأن قرينة الحال والعرف من سياق الكلام تخص أعضاء الوضوء وذكر الجسد بعد ذكر الأعضاء المعينة يفهم عرفا بقية الجسد لا جملته ; لأن الأصل عدم التكرار . قلت : حاصل كلامه أن استخراج الترجمة بعيد لغة ، ومحتمل عرفا إذا لم يذكر إعادة غسلها ، وأجاب ابن التين بأن مراد البخاري أن يبين أن المراد بقوله في هذه الرواية : ثم غسل جسده ، أي : ما بقي من جسده بدليل الرواية الأخرى ، وقال الكرماني ما ملخصه : إن لفظ : جسده ، في قوله : ثم غسل جسده شامل لتمام البدن ، أعضاء الوضوء وغيره ، وكذا حكم الحديث السابق إذ المراد بسائر جسده ، أي : باقي جسده هو غير الرأس لا غير أعضاء الوضوء وغيره ، وقال بعضهم : في كلام ابن المنير كلفة ، وفي كلام ابن التين نظر ; لأن هذه [ ص: 223 ] القصة غير تلك القصة ، وقال في كلام الكرماني من لازم هذا التقدير أن الحديث غير مطابق للترجمة ، ثم قال هذا القائل : والذي يظهر لي أن البخاري حمل قوله : ثم غسل جسده على المجاز ، أي : ما بقي ، ودليل ذلك قوله : بعد فغسل رجليه إذ لو كان قوله : غسل جسده محمولا على عمومه لم يحتج لغسل رجليه ثانيا ; لأن غسلهما دخل في العموم ، وهذا أشبه بتصرفات البخاري إذ من شأنه الاعتناء بالأخفى أكثر من الأجلى . قلت : ما ثم في هذا الذي ذكره هؤلاء المذكورون أكثر كلفة من كلام هذا القائل ; لأنه تصرف في كلامهم من غير تحقيق وأبعد من هذا دعواه أن البخاري حمل لفظ الجسد على المجاز ، فلا يعلم هو أن المجاز لا يصار إليه إلا عند تعذر الحقيقة أو لنكتة أخرى وأي ضرورة هاهنا إلى المجاز ، ومن قال : إن البخاري قصد هذا وأبعد من ذلك أنه علل ما ادعاه بغسل النبي صلى الله عليه وسلم رجليه ثانيا ، وما ذاك إلا لكون رجليه في مستنقع الماء ، وحاصل الكلام كلام ابن المنير أقرب في وجه مطابقة الحديث للترجمة .

( ذكر رجاله ) وهم سبعة : ( يوسف بن عيسى ) بن يعقوب المروزي ، والفضل بن موسى أبو عبد الله السيناني ، والبقية ذكروا عن قريب .

( ذكر لطائف إسناده ) فيه : التحديث بصيغة الجمع في موضعين عند أبي ذر في الثاني ، وعند غيره أخبرنا ، وكذلك أخبرنا ( الأعمش ) . وفيه : العنعنة في أربعة مواضع .

( ذكر معانيه ) . قوله : " وضوء للجنابة " بفتح الواو وفي رواية كريمة : وضوء لجنابة بلام واحدة ، وفي رواية الكشميهني : وضوء الجنابة ، وقوله : وضع على بناء المعلوم ورسول الله فاعله ، ويروى على بناء المجهول : وضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي : لأجله . قوله : " فأكفأ " ، كذا هو في رواية الأكثرين ، ورواية أبي ذر فكفأ ، أي : قلب . قوله : " على يساره " ، كذا هو للأكثرين . ولكريمة والمستملي : على شماله . قوله : " ضرب يده بالأرض " ، كذا هو للأكثرين وللكشميهني : بيده الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية