صفحة جزء
271 ( باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم ) .


أي هذا باب في بيان حكم من إذا ذكر في المسجد أنه جنب ، وحكمه أنه يخرج على حالته ولا يحتاج إلى التيمم . قوله : " ذكر من الباب الذي مصدره الذكر " بضم الذال ، لا من الباب الذي مصدره الذكر بالكسر ، وهذه دقة لا يفهمها إلا من له ذوق من نكات الكلام ، فلذلك فسر بعضهم قوله : ذكر بقوله : تذكر ، فلو ذاق هذا ما ذكرناه لما احتاج إلى تفسير فعل بتفعل . قوله : " يخرج رواية أبي ذر وكريمة " ، ورواية غيرهما : خرج . قوله : " كما هو " ، أي : على هيئته وحاله جنبا . وقوله ولا يتيمم توضيح لقوله كما هو . وقال الكرماني : " ما " موصولة وموصوفة ، وهو مبتدأ وخبره محذوف ، أي : كالأمر الذي هو عليه أو كحالة هو عليها . قلت : على كل تقدير هذه الجملة محلها النصب على الحال من الضمير الذي في يخرج . وقال الكرماني أيضا : فإن قلت : ما معنى التشبيه هاهنا ؟ قلت : مثل هذه الكاف تسمى بكاف المقارنة ، أي : خرج مقارنا للأمر أو لحالة هو عليها ، انتهى . قلت : تسمية هذه الكاف بكاف المقارنة تصرف منه واصطلاح ، بل الكاف هنا للتشبيه على أصله ، ونظير ذلك قولك لشخص : كن كما أنت عليه ، والمعنى على ما أنت عليه ، ثم في هذا وجوه من الإعراب : الأول : أن تكون " ما " موصولة ، وهو مبتدأ وخبره محذوف ، والتقدير كالذي هو عليه من الجنابة . الثاني : أن يكون هو خبرا محذوف المبتدأ ، والتقدير : كالذي هو عليه كما قيل في قوله تعالى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة أي : كالذي هو لهم آلهة . والثالث : أن تكون " ما " زائدة ملغاة عن العمل ، والكاف جارة ، وهو ضمير مرفوع أنيب عن المجرور كما في قوله : ما أنا كانت ، والمعنى يخرج في المستقبل مماثلا لنفسه فيما مضى . والرابع : أن تكون " ما " كافة ، وهو مبتدأ محذوف الخبر ، أي عليه أو كائن . والخامس : أن تكون ما كافة وهو فاعل ، والأصل يخرج كما كان ، ثم حذفت كان فانفصل الضمير ، وعلى هذا الوجه يجوز أن تكون " ما " مصدرية .

التالي السابق


الخدمات العلمية