صفحة جزء
274 بسم الله الرحمن الرحيم

( باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل )


أي هذا باب في بيان جواز غسل العريان وحده إلا أن التستر أفضل ، وهذا اللفظ دل على الجواز . قوله : " وحده في خلوة " ، أي : من الناس ، وهذا تأكيد لقوله : " وحده " ، وهما لفظان بحسب المعنى متلازمان ، وانتصاب وحده على الحال . قوله : " ومن تستر " عطف على من اغتسل . قوله : " والستر أفضل " ، جملة اسمية من المبتدأ والخبر ، وموضعها النصب على الحال ، ولا خلاف أن التستر أفضل كما قاله ، وبجواز الغسل عريانا في الخلوة ، قال مالك والشافعي وجمهور العلماء ، ومنعه ابن أبي ليلى ، وحكاه الماوردي وجها لأصحابهم فيما إذا نزل في الماء عريانا بغير مئزر ، واحتج بحديث ضعيف لم يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : لا تدخلوا الماء إلا بمئزر فإن للماء عامرا . وروى ابن وهب ، عن ابن مهدي ، عن خالد بن حميد ، عن بعض أهل الشام ، أن ابن عباس لم يكن يغتسل في بحر ولا نهر إلا وعليه إزار ، وإذا سئل عن ذلك قال : إن له عامرا ، وروى برد عن مكحول عن عطية مرفوعا : من اغتسل بليل في فضاء فليحاذر على عورته ، ومن لم يفعل ذلك وأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه . وفي مرسلات الزهري فيما رواه أبو داود في مراسيله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن تجدوا متوارى ، فإن لم تجدوا متوارى فليخط أحدكم كالدائرة ، ثم يسمي الله تعالى ويغتسل فيه . وروى أبو داود في سننه ، قال : حدثنا ابن نفيل ، قال : حدثنا زهير ، قال عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، عن عطاء ، عن يعلى ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر . وأخرجه النسائي أيضا ، ونص أحمد فيما حكاه ابن تيمية على كراهة دخول الماء بغير إزار ، وقال إسحاق : هو بالإزار أفضل لقول الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما ، وقد قيل لهما وقد دخلا الماء عليهما بردان ، فقالا : إن للماء سكانا .

التالي السابق


الخدمات العلمية