صفحة جزء
[ ص: 265 ] باب : فإما منا بعد وإما فداء


أي هذا باب يذكر فيه التخيير بين المن والفداء في الأسرى لقوله تعالى : فإما منا بعد وإما فداء وأول هذا قوله تعالى : فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها

قوله : " فإذا لقيتم " من اللقاء وهو الحرب ، قوله : " فضرب الرقاب " أصله فاضربوا الرقاب ضربا ، فحذف الفعل وقدم المصدر فأنيب مناب الفعل مضافا إلى المفعول ، وفيه اختصار مع إعطاء معنى التوكيد ، وضرب عبارة عن القتل ; لأن الواجب أن تضرب الرقاب خاصة دون غيرها من الأعضاء ، مع أن في هذه العبارة من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل ، ولقد زاد في هذه الغلظة في قوله : فاضربوا فوق الأعناق

قوله : حتى إذا أثخنتموهم أي أكثرتم قتلهم وأغلظتموه ، من الشيء الثخين وهو الغليظ ، وقيل أثقلتموهم بالقتل والجراح حتى أذهبتم عنهم النهوض ، وقيل : قهرتموهم وغلبتموهم .

قوله : فشدوا الوثاق وهو بفتح الواو ، اسم ما يوثق به ، قوله : فإما منا منصوب بتقدير فإما تمنون منا ، وكذلك وإما تفدون فداء ، والمعنى التخيير بعد الأسر بين أن يمنوا عليهم فيطلقوهم وبين أن يفادوهم ، وقال الضحاك : قوله تعالى فإما منا بعد وإما فداء ناسخة لقوله تعالى فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ويروى مثله عن ابن عمر ، قال : أليس الله بهذا أمرنا ، قال : حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء وهو قول عطاء والشعبي والحسن البصري كرهوا قتل الأسير ، وقالوا : يمن عليه أو يفادوه ، وبمثل هذا استدل الطحاوي فقال : ظاهر الآية يقتضي المن أو الفداء ويمنع القتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية