صفحة جزء
2888 باب جوائز الوفد

باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم


أقول : هكذا وقع هذان البابان وليس بينهما شيء في جميع النسخ من طريق الفربري إلا أن في رواية أبي علي بن شبويه ، عن الفربري وقع باب جوائز الوفد بعد باب هل يستشفع ، وكذا وقع عند الإسماعيلي وهذا أصوب ; لأن حديث الباب مطابق لترجمة جوائز الوفد لقوله فيه وأجيزوا الوفد ، بخلاف الترجمة الأخرى ، وكان البخاري وضع هاتين الترجمتين وأخلى بينهما بياضا ليجد حديثا يناسبهما ، فلم يتفق ذلك ، ثم إن النساخ أبطلوا البياض وقرنوا بينهما ، وليس في رواية النسفي باب جوائز الوفد ، بل الذي وقع عنده باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ، وأورد فيه حديث ابن عباس ، وفي طلب المطابقة بينهما تعسف ، ولقد تكلف بعضهم في توجيه المطابقة فقال : ولعله من جهة أن الإخراج ، يعني : في قوله صلى الله عليه وسلم : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، يقتضي رفع الاستشفاع ، والحض على إجازة الوفد يقتضي حسن المعاملة ، أو لعل إلى في الترجمة بمعنى اللام ، أي هل يستشفع لهم عند الإمام وهل يعاملون انتهى ، قلت : قوله : يقتضي رفع الاستشفاع يقتضي العمل برفع الاستشفاع ، والعمل بالاقتضاء يكون عند الضرورة ولا ضرورة هاهنا ، والإخراج معناه معلوم ، وليس فيه معنى الاقتضاء ، [ ص: 298 ] والوفد أعم من أن يكون من المسلمين أو من المشركين ، والمواضع التي تذكر فيها أن إلى بمعنى اللام إنما معنى إلى فيها على أصلها بمعنى الانتهاء فافهم ، وهاهنا لا يتأتى هذا المعنى ، ثم التقدير في باب جوائز الوفد ، أي هذا باب في بيان جوائز الوفد ، والجوائز جمع جائزة وهي العطية ، يقال أجازه يجيزه إذا أعطاه ، والوفد هم القوم يجتمعون ويردون البلاد ، واحدهم وافد ، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك ، يقال وفد يفد فهو وافد وأوفدته فوفد وأوفد على الشيء فهو موفد إذا أشرف ، والتقدير في باب هل يستشفع ، أي هذا باب يذكر فيه هل يستشفع ، قوله : " ومعاملتهم " بالجر عطفا على المضاف إليها لفظ الباب .

التالي السابق


الخدمات العلمية