صفحة جزء
2965 41 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد ، فغنموا إبلا كثيرا ، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا ، أو أحد عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا .


مطابقته للترجمة في قوله : " ونفلوا " على صيغة المجهول من التنفيل ، وهو الإعطاء لغة ، وقال الخطابي : التنفيل عطية يخص بها الإمام من أبلى بلاء حسنا وسعى سعيا جميلا ، كالسلب إنما يعطى للقاتل كالقتالة وكفايته . قوله : " بعث سرية " ، وهي طائفة من الجيش يبلغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو . قوله : " فيها عبد الله " ، وهو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما ، وصرح بذلك مسلم في روايته ، فإنه أخرجه في المغازي عن يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك عن نافع عن ابن عمر قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نجد ، فغنموا إبلا كثيرة ، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا ، أو أحد عشر بعيرا ، ونفلوا بعيرا بعيرا ، وأخرجه أبو داود في الجهاد ، عن القعنبي عن مالك ، وعن القعنبي وابن موهب ، كلاهما عن الليث ، عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد . الحديث . ورواه الطحاوي عن محمد بن خزيمة ، عن يوسف بن عدي ، عن ابن المبارك عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها ابن عمر ، فغنموا غنائم كثيرة ، فكانت غنائمهم لكل إنسان اثني عشر بعيرا ، ونفل كل إنسان منهم بعيرا بعيرا سوى ذلك .

قوله : " قبل نجد " بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي ناحية نجد وجهتها ، والنجد بفتح النون وسكون الجيم ، وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق ، وروي أن هذه السرية كانوا عشرة ، فغنموا مائة وخمسين بعيرا ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ثلاثين ، وأخذوا هم عشرين ومائة ، وأخذ كل واحد منها اثني عشر بعيرا ، ونفل بعيرا . قوله : " فغنموا إبلا كثيرة " ، وفي رواية لمسلم : " فأصبنا إبلا وغنما " . قوله : " فكانت سهامهم " أي أنصباؤهم اثني عشر بعيرا ، وقال النووي : معناه أسهم لكل واحد منهم ، وقد قيل : معناه سهمان جميع الغانمين اثني عشر بعيرا ، وهذا غلط ، وقد جاء في بعض روايات أبي داود وغيره أن الاثني عشر بعيرا كانت سهمان كل واحد من الجيش ، والسرية ، ونفل السرية سوى هذا بعيرا بعيرا . قوله : " أو أحد عشر " قال ابن عبد البر : اتفق جماعة رواة الموطإ على أن روايته بالشك إلا الوليد بن مسلم ، فإنه رواه عن شعيب ومالك ، فلم يشك ، وكأنه حمل رواية مالك على رواية شعيب ، وكذا أخرج أبو داود عن القعنبي عن مالك والليث بغير شك ، وقال أبو عمر : قال سائر أصحاب نافع : اثني عشر بعيرا بغير شك ، ولم يقع الشك فيه . قوله : " ونفلوا " على صيغة المجهول كما ذكرنا ، وفي رواية : " فنفلوا بعيرا " فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية : " ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، والجمع بين هذه الروايات أن أمير السرية نفلهم فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجوز نسبته إلى كل منهما .

واحتج بهذا الحديث سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق في جواز التنفيل بعد سهامهم قالوا : هذا ابن عمر يخبر أنهم قد نفلوا بعد سهامهم بعيرا بعيرا ، فلم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال النووي : واختلفوا في محل النفل ، هل هو من أصل الغنيمة ، أو من أربعة أخماسها ، أم من خمس الخمس ، وهي ثلاثة أقوال للشافعي ، وبكل منها قال جماعة من العلماء ، والأصح عندنا أنه من خمس الخمس ، وبه قال ابن المسيب ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وآخرون وممن قال : إنه من أصل الغنيمة الحسن البصري والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وآخرون ، وأجاز النخعي أن تنفل السرية جميع ما غنمت دون باقي الجيش ، وهو خلاف ما قاله العلماء كافة .

التالي السابق


الخدمات العلمية