صفحة جزء
وقال ابن عمر : فجعل خالد يقتل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبرأ إليك مما صنع خالد .


أي قال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ، وهذا طرف من حديث طويل أخرجه البخاري في كتاب المغازي في غزوة الفتح ، وأصل القصة أن خالد بن الوليد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني جذيمة ، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ، فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يقتل منهم بناء على ظاهر اللفظ ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأنكره ، فدل على أنه يكتفى من كل قوم بما يعرف من لغتهم ، وقد عذر النبي صلى الله عليه وسلم خالدا في اجتهاده ، ولذلك لم يقد منه .

وقال ابن بطال : لا خلاف أن القاضي إذا قضى بجور أو بخلاف قول أهل العلم فهو مردود ، فإن كان على وجه الاجتهاد والتأويل كما صنع خالد رضي الله تعالى عنه فإن الإثم ساقط والضمان لازم عند عامة أهل العلم إلا أنهم اختلفوا في ضمان ذلك ، فإن كان في قتل أو جراح ففي بيت المال ، وهذا قول الثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق .

وقالت طائفة : على عاقلة الإمام أو الحاكم ، وهذا قول الأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي .

وقال ابن الماجشون : ليس على الحاكم شيء من الدية في ماله ولا على عاقلته ولا في بيت المال ، فإن قلت : ليس فيه ولا في الحديث الذي يأتي لفظ " صبأنا " ، فأين المطابقة ؟ قلت : جرت عادته أنه يترجم ببعض ما ورد في الحديث الذي يذكره فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية