صفحة جزء
3004 وقال ابن وهب : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب سئل : أعلى من سحر من أهل العهد قتل ؟ قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صنع له ذلك فلم يقتل من صنعه وكان من أهل الكتاب .


مطابقته للترجمة ظاهرة ، وقال الكرماني : فإن قلت : الترجمة بلفظ الذمي والسؤال بأهل العهد والجواب بأهل الكتاب ، قلت : المراد بأهل الكتاب الذين لهم عهد وإلا فهو حربي واجب القتل ، والعهد والذمة بمعنى ، انتهى .

قلت : هذا تطويل بلا فائدة ، وكأن قوله " والعهد والذمة " بمعنى فيه كفاية ، وفيه إيضاح لجواب الترجمة ، وابن وهب هو عبد الله بن وهب ويونس هو ابن يزيد الأيلي ، وهذا التعليق موصول في جامع ابن وهب .

قوله " سئل " على صيغة المجهول ، قوله " أعلى " الهمزة فيه للاستفهام على سبيل الاستخبار ، قوله " ذلك " أي السحر ، وحكم هذا الباب أنه لا يقتل ساحر أهل الكتاب عند مالك كقول ابن شهاب ، ولكن يعاقب إلى أن يقر بسحره فيقتل أو يحدث حدثا فيؤخذ منه بقدر ذلك ، وهو قول أبي حنيفة والشافعي .

[ ص: 98 ] وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أيضا أنه لا يقتل بسحره ضررا على مسلم إن لم يعاهدوا عليه ، فإذا فعلوا ذلك فقد نقضوا العهد فحل بذلك قتلهم ، وعلى هذا القول لا حجة لابن شهاب في أنه صلى الله عليه وسلم لم يقتل اليهودي الذي سحره لوجوه :

الأول : أنه قد ثبت عنه أنه لا ينتقم لنفسه ولو عاقبه لكان حاكما لنفسه .

الثاني : أن ذلك السحر لم يضره لأنه لم يتغير عليه شيء من الوحي ولا دخلت عليه داخلة في الشريعة ، وإنما اعتراه شيء من التخيل والوهم ثم لم يتركه الله على ذلك بل تداركه بعصمته ، وأعلمه موضع السحر وأعلمه استخراجه وحله عنه ، كما دفع الله عنه السم بكلام الذراع .

الثالث : أن هذا السحر إنما تسلط على ظاهره لا على قلبه وعقله واعتقاده ، والسحر مرض من الأمراض وعارض من العلل يجوز عليه كأنواع الأمراض فلا يقدح في نبوته ، ويجوز طروه عليه في أمر دنياه وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية