صفحة جزء
3053 35 - حدثنا ابن مقاتل، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: سمعت أبا طلحة، يقول: سمعت رسول الله [ ص: 139 ] - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل.


وجه مطابقة هذا إلى آخر الباب قد ذكرناه. وابن مقاتل هو محمد بن مقاتل المروزي المجاور بمكة وهو من أفراده، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، ومعمر بفتح الميمين هو ابن راشد، وأبو طلحة هو زيد بن سهل الأنصاري، وقال الدارقطني: وافق معمر هنا عن الزهري جماعة وخالفهم الأوزاعي فرواه عن الزهري، عن عبيد الله عن أبي طلحة، ولم يذكر ابن عباس، ورواه سالم أبو النضر عن عبيد الله نحو رواية الأوزاعي، وفي النسائي عن معقل عن الأوزاعي كرواية الجماعة، وقال: هذا هو الصواب، وحديث الوليد خطأ، ثم رواه من حديث الوليد، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عبيد الله قال: حدثني أبو طلحة فذكره، وروى الترمذي من حديث إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا معن، حدثنا مالك عن أبي النضر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده، فوجد عنده سهل بن حنيف، قال: فدعا أبو طلحة إنسانا ينزع نمطا تحته فقال له سهل: لم تنزعه؟ قال: لأن فيه تصاوير، وقال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قد علمت، قال سهل : أولم يقل: إلا ما كان رقما في ثوب، فقال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي ، هذا حديث حسن صحيح. (قلت): في رواية مالك هذه ما يقتضي الاتصال بين عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وبين أبي طلحة؛ فإنه دخل على أبي طلحة وسمعه منه، وهكذا في رواية محمد بن إسحاق، عن سالم أبي النضر عنه عند النسائي، وفي رواية الستة ما خلا أبا داود من رواية الزهري أيضا إدخال ابن عباس بين عبيد الله بن عبد الله وبين أبي طلحة، فهل الحكم للرواية الزائدة أو للرواية الناقصة، فاختار ابن الصلاح الحكم للناقصة; لأنه يصرح فيها بالاتصال، واختار النسائي الزائدة; لأنه روى كلتيهما ورجح الزائدة.

(ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في بدء الخلق، عن علي بن عبد الله، وفي المغازي عن إبراهيم بن موسى، وعن إسماعيل بن أبي أويس، وفي اللباس عن آدم. وأخرجه مسلم في اللباس عن يحيى بن يحيى، وعن عمرو الناقد وأبي بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، وعن أبي الطاهر بن السرح وحرملة بن يحيى وعن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد. وأخرجه الترمذي في الاستئذان عن سلمة بن شيبة والحسن بن علي وعبد بن حميد. وأخرجه النسائي في الصيد عن قتيبة وإسحاق بن منصور وفي الزينة عن وهب بن بيان، وعن محمد بن عبد الملك وعن يزيد بن محمد. وأخرجه ابن ماجه في اللباس عن أبي بكر بن أبي شيبة.

(ذكر معناه). قوله: " فيه كلب" قال ابن التين: يريد كلب دار، قال: وأراد بالملائكة غير الحفظة، وكذا قال النووي: إن هؤلاء هم الذين يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار بخلاف الحفظة. وقال الخطابي: إنما لم يدخل في بيت إذا كان فيه شيء من هذه مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور.

وأما ما ليس بحرام؛ من كلب الصيد أو الزرع أو الماشية، والصورة التي تمتهن في البسط والوسائد وغيرهما، فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه، وقال النووي: الأظهر أنه عام في كل كلب وكل صورة.

ثم قيل: سبب المنع من دخول الملائكة كونها معصية فاحشة، وكونها مضاهاة لخلق الله وفيها ما يعبد من دون الله، وامتناعهم من الدخول في بيت فيه كلب؛ لكثرة أكله النجاسات; ولأن بعضها يسمى شيطانا، والملائكة ضد لهم، ولقبح رائحة الكلب، والملائكة يكرهون الرائحة الكريهة؛ ولأنها ينهى عن اتخاذها مما لم يؤذن فيه فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته وصلاتها فيه واستغفارها له وتبريكها عليه ودفعها أذى الشيطان. (قلت): كل هذه في الكلب لا يشفي العليل ولا يروي الغليل، وهذا الخنزير أسوأ حالا من الكلب مع أنه ما ورد فيه شيء وفي النجاسة هو أنجس منه; لأنه نجس العين بالنص بخلاف الكلب، فإن في نجاسة عينه خلافا. قوله: " ولا صورة تماثيل" من إضافة العام إلى الخاص.

التالي السابق


الخدمات العلمية