صفحة جزء
3148 باب قول الله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة


أي : هذا باب في بيان قوله تعالى : وإذ قال ربك إلى آخره ، يعني اذكر يا محمد ، حين قال ربك للملائكة الآية ، أخبر الله تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم بقوله : وإذ قال ربك وحكى ابن حزم عن أبي عبيدة أنه زعم أن إذ هاهنا زائدة ، وأن تقدير الكلام وقال ربك ، ورد عليه ابن جرير : قال القرطبي : وكذا رده جميع المفسرين حتى قال الزجاج : هذا اجتراء من أبي عبيدة .

قوله : " إني جاعل في الأرض خليفة " : أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل ، كما قال تعالى : و هو الذي جعلكم خلائف في الأرض قال أكثر المفسرين : وليس المراد هنا بالخليفة آدم عليه الصلاة والسلام فقط ، كما قاله طائفة ; إذ لو كان المراد آدم عينا لما حسن قول الملائكة : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وقولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ليس على وجه الاعتراض ، ولا على وجه الحسد ، وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك ، مع أن فيهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ، فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك : أي نصلي ولا يصدر منا شيء خلاف ذلك ، فقال الله تعالى في جوابهم : إني أعلم ما لا تعلمون أي إني أعلم بالمصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ، فإني سأجعل فيهم الأنبياء والرسل ، ويوجد فيهم الصديقون ، والشهداء والصالحون ، والعباد والزهاد ، والأولياء ، والأبرار المقربون ، والعلماء العاملون ، والخاشعون ، والمتبعون رسله ، وفي هذا المقام مقال كثير ليس هذا الكتاب موضعه ، وإنما ذكرنا نبذة منه لأجل الترجمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية