صفحة جزء
( باب قول الله عز وجل : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ) .


أي : هذا باب معقود في قول الله عز وجل : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه وهو نوح بن لمك بفتح اللام وسكون الميم ، وقيل : لمك بفتحتين ، وقيل : لامك بفتح الميم وكسرها ، وقال ابن هشام بالعبرانية : مخ بفتح الميم ، وفي آخره خاء معجمة ، وبالعربية لمك وبالسريانية لمخ ، وتفسيره متواضع ، ويقال : لمكان ويقال : ملكان بتقديم الميم على اللام ، وقال السهيلي : ولمك هو أول من اتخذ العود للغناء ، واتخذ مصانع الماء ، وهو ابن متوشلخ بفتح الميم وضم التاء المثناة من فوق المشددة وسكون الواو وفتح الشين المعجمة واللام ، وفي آخره خاء معجمة ، كذا ضبطه ابن المصري ، وضبطه أبو العباس عبد الله بن محمد الفاسي في قصيدة يمدح بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي طويلة ذكرتها في أول معاني الأخبار في رجال معاني الآثار بضم الميم وفتح التاء والواو وسكون الشين وكسر اللام وبالخاء المعجمة .

وقال السهيلي : بضم الميم وفتح التاء وسكون الواو ، ومنهم من ضبط في آخره بالحاء المهملة ، ومعناه في الكل : مات الرسول ; لأن أباه كان رسولا ، وهو خنوخ بفتح الخاء المعجمة وضم النون وسكون الواو ، وفي آخره معجمة أخرى ، ويقال : بالحاء المهملة في أوله ، ويقال بالمهملتين ، ويقال : أخنوخ بزيادة همزة في أوله ، ويقال : أخنخ بإسقاط الواو ، ويقال : أهنخ بالهاء بعد الهمزة ، ومعناه على الاختلاف بالعربية : إدريس عليه الصلاة والسلام ، سمي بذلك لكثرة درسه الكتب ، وصحف آدم وشيث وأمه أشوث ، وأدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمان سنين ، وهو ابن يارد بالياء آخر الحروف ، وفتح الراء ، كذا ضبطه أبو عمر ، وكذا ضبطه النسابة الجواني إلا أنه قال بالذال المعجمة ، وقيل : يرد بفتح الياء وسكون الراء ، قال ابن هشام : اسمه في التوراة يارد ، وهو عبراني ، وتفسيره ضابط ، واسمه في الإنجيل بالسريانية يرد ، وتفسيره بالعربي ضبط ، وقيل : اسمه رائد ، ولم يثبت ، وهو ابن مهلائيل بفتح الميم وسكون الهاء وبالهمز ، وقد يقال بالياء بلا همز ، ومعناه الممدح ، وقال ابن هشام : مهليل بفتح الميم وسكون الهاء وكسر اللام ، وهو اسم عبراني ، واسمه بالعربية ممدوح .

وقال السهيلي : واسمه بالسريانية في الإنجيل نابل بالنون ، وبالباء الموحدة ، وتفسيره بالعربية مسيح الله ، وفي زمنه كان بدء عبادة الأصنام ، وهو ابن قينان بفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف ، وبالنونين بينهما ألف ومعناه المستولي ، وجاء فيه قينين وقاين ، واسمه [ ص: 217 ] في الإنجيل ماقيان ، وتفسيره بالعربي عيسى ، وهو ابن آنوش بفتح الهمزة الممدودة وضم النون وفي آخره شين معجمة ، ومعناه الصادق ، ويقال : إيناش بكسر الهمزة ، وهو في اللغة العبرانية وتفسيره بالعربية إنسان ، ويقال : يانش بالياء آخر الحروف ، ومعناه المستوي ، وهو ابن شيث بكسر الشين المعجمة وسكون الياء آخر الحروف، وفي آخره ثاء مثلثة ، ومعناه هبة الله ، ويقال : عطية الله ، وهذا اسمه بالعبرانية وبالسريانية شاث بالألف موضع الياء ، وتوفي شيث وعمره تسعمائة سنة واثني عشر سنة ، ودفن مع أبويه آدم وحواء في غار أبي قبيس ، وهو الذي بنى الكعبة بالطين والحجارة ، وكانت هناك خيمة لآدم عليه الصلاة والسلام وضعها الله له من الجنة ، وكان أبوا نوح عليه الصلاة والسلام مؤمنين ، واسم أمه قيثوش بنت بركاييل بن مخواييل بن أخنوح ، وذكر الزمخشري أن اسم أم نوح شمحا بنت آنوش ، وأرسل الله نوحا عليه الصلاة والسلام إلى ولد قابيل ومن تابعهم من ولد شيث ، وهو ابن خمسين سنة ، وقيل : ابن ثلاثمائة وخمسين سنة ، وقيل : ابن ثمانين وأربعمائة سنة ، واختلفوا في مقامه على قولين : أحدهما بالهند ، قاله مجاهد ، والثاني : بأرض بابل والكوفة ، قاله الحسن البصري ، وقال ابن جرير : كان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة .

وقال مقاتل : بينه وبين آدم ألف سنة ، وبينه وبين إدريس مائة سنة وهو أول نبي بعد إدريس عليه الصلاة والسلام ، وقال مقاتل : اسمه السكن ، وقيل : الساكن ، وقال السدي : إنما سمي سكنا ; لأن الأرض سكنت به ، وقيل : اسمه عبد الغفار ذكره

الطبري ، وسمي نوحا ; لكثرة نوحه وبكائه ، وقيل : إن الله تعالى أوحى إليه لم تنوح ؟ لكثرة بكائه فسمي نوحا ، ويقال : إنه نظر يوما إلى كلب قبيح المنظر ، فقال : ما أقبح صورة هذا الكلب ؟ فأنطقه الله عز وجل ، وقال : يا مسكين ، على من عبت : على النقش ، أو على النقاش ؟ فإن كان على النقش فلو كان خلقي بيدي حسنته ، وإن كان على النقاش فالعيب عليه اعتراض في ملكه ، فعلم أن الله تعالى أنطقه ، فناح على نفسه وبكى أربعين سنة ، قاله السدي عن أشياخه .

ومات نوح وعمره ألف سنة وأربعمائة سنة ، قاله ابن الجوزي في كتاب أعمار الأعيان ، وقيل : ألف وثلاثمائة سنة ، وقيل : ألف وسبعمائة وثمانين سنة قيل : إنه مات بقرية الثمانين ، وهي القرية التي بناها عند الجودي الذي أرسيت عليه السفينة ، وهو بقرب موصل بالشرق ، حكاه هارون بن المأمون ، وقال ابن إسحاق : مات بالهند على جبل نوذ ، وقيل : بمكة ، وقال عبد الرحمن بن ساباط : قبر هود وصالح وشعيب ، ونوح عليهم الصلاة والسلام بين زمزم والركن والمقام ، وقيل : مات ببابل ، وقيل ببلد بعلبك في البقاع قرية يقال لها : الكرك فيها قبر يقال له : قبر نوح ، ويعرف الآن بكرك نوح - صلى الله عليه وسلم - وقال ابن كثير : وأما قبره فروى ابن جرير ، والأزرقي أنه في المسجد الحرام ، وهذا أقوى وأثبت من الذي ذكره كثير من المتأخرين من أنه ببلدة بالبقاع تعرف بكرك نوح - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا : ذكره الله في القرآن في مواضع ، فقيل : في ثمانية وعشرين موضعا ، منها ما ذكره البخاري من قوله : باب قول الله عز وجل : لقد أرسلنا نوحا إلى قومه وتمام الآية : فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم

لما ذكر الله تعالى قصة آدم في أول السورة ، وهي سورة الأعراف ، وما يتعلق بذلك شرع في ذكر قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الأول فالأول ، فابتدأ بذكر نوح عليه الصلاة والسلام ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم عليه الصلاة والسلام ، وقال ابن إسحاق : لم يلق نبي من قومه من الأذى مثل نوح - صلى الله عليه وسلم - إلا نبي قتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية