صفحة جزء
3185 36 - حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال : حدثنا إبراهيم بن نافع ، عن كثير بن كثير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ، ومعهم شنة فيها ماء ، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها حتى قدم مكة فوضعها تحت دوحة ، ثم رجع إبراهيم إلى أهله ، فاتبعته أم إسماعيل حتى لما بلغوا كداء نادته من ورائه : يا إبراهيم إلى من تتركنا ؟ قال : إلى الله . قالت : رضيت بالله ، قال : فرجعت فجعلت تشرب من الشنة ويدر لبنها على صبيها ، حتى لما فني الماء قالت : لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا قال : فذهبت فصعدت الصفا ، فنظرت ونظرت هل تحس أحدا فلم تحس أحدا ، فلما بلغت الوادي سعت وأتت المروة ، ففعلت ذلك أشواطا ، ثم قالت : لو ذهبت فنظرت ما فعل تعني الصبي ، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت ، فلم تقرها نفسها فقالت : لو ذهبت فنظرت لعلي أحس أحدا ، فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت فلم تحس أحدا حتى أتمت سبعا ، ثم قالت : لو ذهبت فنظرت ما فعل ، فإذا هي بصوت فقالت : أغث إن كان عندك خير ، فإذا جبريل قال : فقال بعقبه هكذا ، وغمز عقبه على الأرض قال : فانبثق الماء ، فدهشت أم إسماعيل ، فجعلت تحفر ، قال : فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : لو تركته كان الماء ظاهرا قال : فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها ، قال : [ ص: 261 ] فمر ناس من جرهم ببطن الوادي ، فإذا هم بطير كأنهم أنكروا ذلك ، وقالوا : ما يكون الطير إلا على ماء ، فبعثوا رسولهم ، فنظر ، فإذا هم بالماء ، فأتاهم فأخبرهم ، فأتوا إليها فقالوا : يا أم إسماعيل أتأذنين لنا أن نكون معك أو نسكن معك ؟ فبلغ ابنها فنكح فيهم امرأة ، قال : ثم إنه بدا لإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - فقال لأهله : إني مطلع تركتي قال : فجاء فسلم فقال : أين إسماعيل ؟ فقالت امرأته : ذهب يصيد قال قولي له إذا جاء : غير عتبة بابك ، فلما جاء أخبرته ، قال : أنت ذاك فاذهبي إلى أهلك ، قال : ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله : إني مطلع تركتي ، قال : فجاء فقال : أين إسماعيل ؟ فقالت امرأته : ذهب يصيد ، فقالت : ألا تنزل فتطعم وتشرب ؟ فقال : وما طعامكم وما شرابكم ؟ قالت : طعامنا اللحم وشرابنا الماء ، قال : اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم ، قال : فقال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - بركة بدعوة إبراهيم - صلى الله عليهما وسلم - قال : ثم إنه بدا لإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - فقال لأهله : إني مطلع تركتي ، فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلا له ، فقال : يا إسماعيل إن ربك أمرني أن أبني له بيتا ، قال : أطع ربك ، قال : إنه أمرني أن تعينني عليه ، قال : إذن أفعل ، أو كما قال . قال : فقاما فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ، ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم قال حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ على نقل الحجارة ، فقام على حجر المقام ، فجعل يناوله الحجارة ويقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم


هذا طريق ثالث لحديث ابن عباس وعبد الله بن محمد البخاري المعروف بالمسندي ، وأبو عامر هو العقدي ، وإبراهيم بن نافع المخزومي المكي .

قوله : " وبين أهله " يعني سارة لما ولدت هاجر إسماعيل ، وقد تقدمت قصتها . قوله : " ما كان " أي من جنس الخصومة التي هي معتادة بين الضرائر ، قوله : " حتى لما بلغوا " أي نادته حين البلوغ . قوله : " كداء " قد مر الكلام فيه مع الخلاف في ضبطه ، قوله : " كأنه ينشغ " من النشغ بالنون والشين والغين المعجمتين وهو الشهيق من الصدر حتى كاد يبلغ به الغشي ، أي يعلو نفسه كأنه شهيق من شدة ما يرد عليه ، قوله : " فلم تقرها " نفسها من الإقرار في المكان ، ونفسها مرفوع بأنه فاعله ، قوله : " فقال بعقبه " أي أشار به ، وهذا من المواضع التي يستعمل فيها قال في غير معناه . قوله : " فانبثق " أي انخرق وتفجر ومادته باء موحدة وثاء مثلثة وقاف . قوله : " تحفر " بالراء ، ويروى : تحفن بالنون ، أي تملأ الكفين . قوله : " فبلغ " الفاء فيه فصيحة ، أي فأذنت ، فكان كذا ، فبلغ قوله : " بدا " أي ظهر لإبراهيم التوجه إلى هاجر .

قوله : " بركة " مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هي بركة أو بالعكس أي زمزم بركة ، أو في طعام مكة وشرابها بركة ، وسياق الكلام يدل عليه . قوله : " عتبة بابك " ويروى " بيتك " . قوله : " على نقل الحجارة " ويروى عن نقل الحجارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية