صفحة جزء
3251 وقال إبراهيم: " المسيح " الصديق.
أي: قال إبراهيم النخعي: " المسيح " الصديق. وكذا فسره سفيان الثوري بإسناده إلى إبراهيم، وفيه معان أخر نذكرها الآن، (فإن قلت): الدجال أيضا سمي بالمسيح! قلت: أما معناه في عيسى عليه الصلاة والسلام ففيه أقوال تبلغ ثلاثة وعشرين قولا ذكرناها في كتابنا زين المجالس؛ منها ما قيل إن أصله المسيح على وزن مفعل فأسكنت الياء ونقلت حركتها إلى السين طلبا للخفة، وعن ابن عباس: كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ ولا ميتا إلا حيي. وعنه: لأنه كان أمسح الرجل ليس لها أخمص، والأخمص من لا يمس الأرض من باطن الرجل. وعن أبي عبيدة: أظن أن هذه الكلمة مشيخا بالشين المعجمة فعربت، وكذا تنطق به اليهود. وقيل: لأنه خرج من بطن أمه كأنه ممسوح بالدهن. وقيل: لأن زكريا عليه الصلاة والسلام مسحه. وقيل: لحسن وجهه؛ إذ المسيح في اللغة جميل الوجه لأنه كان يمسح الأرض؛ لأنه قد يكون تارة في البلدان وتارة في المفاوز والفلوات. وقال الداودي: لأنه كان يلبس المسوح.

وأما معناه في الدجال فقيل: لأنه كان يمسح الأرض؛ أي: يقطعها. (فإن قلت): قد ذكرت هذا المعنى في عيسى عليه الصلاة والسلام! قلت: إنه كان في هذا الوجه اشتراك بحسب الظاهر؛ لأن المسيح في عيسى بمعنى الممسوح عن الآثام وعن كل شيء فيه قبح، فعيل بمعنى مفعول، وفي الدجال فعيل بمعنى فاعل؛ لأنه يمسح الأرض. وقيل: لأنه لا عين له ولا حاجب. وقال ابن فارس: مسيح أحد شقي وجهه ممسوح لا عين له ولا حاجب، فلذلك سمي به. وقيل: المسيح الكذاب، وهو مختص به لأنه أكذب البشر، فلذلك خصه الله بالشوه والعور. وقيل: المسيح المارد الخبيث، وهو أيضا مختص به بهذا المعنى، ويقال فيه: مسيخ - بالخاء المعجمة؛ لأنه مشوه مثل الممسوخ. ويقال فيه: مسيح - بكسر الميم وتشديد السين - للفرق بينه وبين المسيح بن مريم عليه الصلاة والسلام.

التالي السابق


الخدمات العلمية