صفحة جزء
3268 109 - حدثني محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن فرات القزاز قال: سمعت أبا حازم قال: قاعدت أبا هريرة رضي الله عنه خمس سنين، فسمعته يحدث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء فيكثرون. قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فوا ببيعة الأول فالأول، أعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم.


[ ص: 43 ] مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمد بن بشار هو بندار، ومحمد بن جعفر هو غندر، وفرات - بضم الفاء وتخفيف الراء وفي آخره تاء مثناة من فوق - ابن أبي عبد الرحمن القزاز - بفتح القاف وتشديد الزاي الأولى: البصري ثم الكوفي، وأبو حازم - بالحاء المهملة والزاي - اسمه سلمان الأشجعي.

والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن محمد بن بشار به، وعن أبي بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن براد. وأخرجه ابن ماجه في الجهاد عن أبي بكر بن أبي شيبة.

قوله: (قاعدت أبا هريرة) إنما ذكره بباب المفاعلة ليدل على قعوده متعلقا بأبي هريرة، ولأجل تعلقه بالآخر جاء متعديا لأن أصله لازم، كما في قولك: كارمت زيدا؛ فإن أصله لازم نحوه.

قوله: (تسوسهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام)؛ أي: تتولى أمورهم كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية، والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه، وذلك لأنهم كانوا إذا أظهروا الفساد بعث الله نبيا يزيل الفساد عنهم ويقيم لهم أمرهم ويزيل ما غيروا من حكم التوراة.

قوله: (خلفه نبي) بفتح اللام المخففة؛ يعني يقوم مقام الأول، والخلف بفتح اللام وسكونها كل من يجيء بعد من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخير وبالسكون في الشر، قال الله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة

قوله: (لا نبي بعدي)؛ يعني لا يجيء بعدي نبي فيفعل ما يفعلون.

قوله: (خلفاء) جمع خليفة.

قوله: (فيكثرون) بالثاء المثلثة من الكثرة، وحكى عياض عن بعضهم بالباء الموحدة وهو تصحيف، ووجه بأن المراد إكبار قبائح فعلهم.

قوله: (فوا) بالضم أمر لجماعة، من وفى يفي، والأمر منه ف فيا فوا، وأصله أوفوا، وأصله أوفيوا؛ نقلت حركة الياء إلى ما قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الياء فصار أوفوا، ثم حذفت الواو اتباعا لحذفها في المضارع لوقوعها بين الياء والكسرة فصار أفوا، ثم حذفت الهمزة للاستغناء عنها فصار: فوا على وزن عوا.

قوله: (بيعة الأول فالأول) معناه: إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها سواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أو جاهلين، وسواء كانا في بلدين أو أكثر، وسواء كان أحدهما في بلد الإمام المنفصل أم لا، ولم يبين حكم الثاني في هذا وهو مبين في رواية أخرى: " فاضربوا عنقه "، وفي رواية أخرى: " فاضربوه بالسيف كائنا من كان ".

قوله: (أعطوهم حقهم)؛ أي: أطيعوهم وعاشروهم بالسمع والطاعة، فإن الله يحاسبهم بالخير والشر عن حال رعيتهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية