صفحة جزء
322 33 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعلها تحبسنا ألم تكن طافت معكن ؟ فقالوا : بلى ، قال : فاخرجي .


( ذكر رجاله ) وهم ستة :

الأول : عبد الله بن يوسف التنيسي .

الثاني : الإمام مالك بن أنس .

الثالث : عبد الله بن أبي بكر المدني الأنصاري ، قال الإمام أحمد : حديثه شفاء مر في باب الوضوء مرتين مرتين .

الرابع : أبوه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بفتح الهاء المهملة ، وسكون الزاي ، ولي القضاء والإمرة والموسم زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه ، مر في باب كيف يقبض العلم .

الخامس : عمرة بنت عبد الرحمن ، وهي المذكورة في الباب السابق ، وعمرة خالته التي تربت في حجر عائشة رضي الله تعالى عنها .

السادس : عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم .

( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد . وصيغة الإخبار كذلك .

وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع .

وفيه القول .

وفيه أن رواته كلهم مدنيون غير عبد الله ; فإنه مصري ، ثم تنيسي .

وفيه رواية ثلاثة من التابعين بعنعنة وهم ما بين مالك وعائشة رضي الله تعالى عنها .

( ذكر من أخرجه غيره ) :

أخرجه مسلم في الحج ، عن يحيى بن يحيى ، عن مالك .

وأخرجه النسائي فيه ، عن الحارث بن مسكين .

وفيه في الطهارة ، عن محمد بن سلمة كلاهما ، عن ابن القاسم ، عن مالك به .

( ذكر بقية الكلام ) :

قوله : ( إن صفية ) بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء وتشديد الياء آخر الحروف ، بنت حيي ، بضم الحاء المهملة وبالياءين الأولى مفتوحة مخففة والثانية مشددة ، ابن أخطب بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة ، وفتح الطاء المهملة بعدها باء موحدة ، النضرية بفتح النون ، وسكون الضاد المعجمة من بنات هارون [ ص: 313 ] أخي موسى عليهما الصلاة والسلام سباها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عام فتح خيبر ، ثم أعتقها وتزوجها ، وجعل عتقها صداقها ، روي لها عشرة أحاديث للبخاري واحد منها ، ماتت سنة ستين في خلافة معاوية قاله الواقدي . وقال غيره : ماتت في خلافة علي رضي الله تعالى عنه سنة ست وثلاثين .

قوله : " لعلها تحبسنا " ، أي :عن الخروج من مكة إلى المدينة حتى تطهر وتطوف بالبيت ، ولعل هاهنا ليست للترجي ، بل للاستفهام أو للتردد أو للظن وما شاكله .

قوله : " طافت " ، أي : طواف الركن ، وفي بعض النسخ : أفاضت ، أي : طافت طواف الإفاضة ، وهو طواف الركن ; لأنه يسمى طواف الإفاضة وطواف الركن وطواف الزيارة .

قوله : " وقالوا " ، أي : النساء ومن معهن من المحارم ، كذا قاله بعضهم ، وليس بصحيح ; لأن فيه تغليب الإناث على الذكور . وقال الكرماني : أي قال الناس ، وإلا فحق السياق أن يقال : فقلن أو فقلنا .

قلت : الأوجه أن يقال : قالوا ، أي : الحاضرون هناك ، وفيهم الرجال والنساء .

قوله : ( قال : فاخرجي ) ، أي : قال النبي صلى الله عليه وسلم : اخرجي ، كذا هو في رواية الأكثرين بالإفراد في الخطاب ، وفي رواية المستملي والكشميهني : فاخرجن ، بصيغة الجمع للإناث ، أما الوجه الأول : ففيه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ، يعني : قال لصفية مخاطبا لها : اخرجي ، أو يكون الخطاب لعائشة ; لأنها هي القائلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صفية قد حاضت ، فقال لها : اخرجي ، فإنها توافقك في الخروج ; إذ لا يجوز لها تأخر بعدك ; لأنها قد طافت طواف الركن ، ولم يبق عليها فرض .

وفيه وجه آخر ، وهو أن يقدر في الكلام شيء تقديره : قال لعائشة : قولي لها اخرجي . وأما الوجه الثاني : فعلى السياق . فإن قلت : ما الفاء في قوله : ( فاخرجي ؟ ) قلت : فيه أوجه :

الأول : أن يكون جوابا لأما مقدرة ، والتقدير : أما أنت فاخرجي ، كما يخرج غيرك . والثاني يجوز أن تكون زائدة . والثالث يجوز أن تكون عطفا على مقدر تقديره : اعلمي أن ما عليك التأخر فاخرجي . وقال النووي في شرح صحيح مسلم : ففي الحديث دليل لسقوط طواف الوداع عن الحائض ، وأن طواف الإفاضة ركن لا بد منه ، وأنه لا يسقط عن الحائض ولا عن غيرها ، وأن الحائض تقيم له حتى تطهر ، فإن ذهبت إلى وطنها قبل طواف الإفاضة بقيت محرمة . انتهى .

قلت : تبقى محرمة أبدا حتى تطوف في حق الجماع مع زوجها ، وأما في حق غيره فتخرج عن الإحرام .

وفيه دليل أن الحائض لا تطوف بالبيت ، فإن هجمت وطافت وهي حائض ففيه تفصيل ، فإن كانت محدثة وكان الطواف طواف القدوم فعليها الصدقة عندنا . وقال الشافعي : لا يعتد به وإن كان طواف الركن ، فعليها شاة ، وإن كانت حائضا وكان الطواف طواف القدوم فعليها شاة ، وإن كان طواف الركن فعليها بدنة ، وكذا حكم الجنب من الرجال والنساء .

التالي السابق


الخدمات العلمية