صفحة جزء
325 ( باب الصلاة على النفساء وسنتها )


أي هذا باب في بيان الصلاة على النفساء وبيان سنتها ، أي : بيان سنة الصلاة عليها . قال ابن بطال : يحتمل أن يكون البخاري قصد بهذه الترجمة أن النفساء وإن كانت لا تصلي أن لها حكم غيرها من النساء ، أي : في طهارة العين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، قال : وفيه رد على من زعم أن ابن آدم ينجس بالموت ; لأن النفساء جمعت الموت وحمل النجاسة بالدم الملازم لها ، فلما لم يضرها ذلك كان الميت الذي لا يسيل منه نجاسة أولى . وقال ابن المنير : ظن الشارح أراد به ابن بطال أن مقصود الترجمة التنبيه على أن النفساء طاهرة العين لا نجسة ; لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صلى عليها ، وأوجب لها بصلاته حكم الطهارة ، فيقاس المؤمن الطاهر مطلقا عليها في أنه لا ينجس ، وذلك كله أجنبي عن مقصوده . والله أعلم . وإنما قصد أنها وإن ورد أنها من الشهداء فهي ممن يصلى عليها كغير الشهداء . وقال ابن رشيد : أراد البخاري أن يستدل بلازم من لوازم الصلاة ; لأن الصلاة اقتضت أن المستقبل فيها ينبغي أن يكون محكوما بطهارته ، فلما صلى عليها ، أي : إليها لزم من ذلك القول بطهارة عينها .

قلت : كل هذا لا يجدي ، والحق أحق أن يتبع ، والصواب من القول في هذا أن هذا الباب لا دخل له في كتاب الحيض ومورده في كتاب الجنائز ، ومع هذا ليس له مناسبة أصلا بالباب الذي قبله ، ورعاية المناسبة بين الأبواب مطلوبة ، وقول ابن بطال : إن حكم النفساء مثل حكم غيرها من النساء في طهارة العين لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليها مسلم ، ولكنه لا يلائم حديث الباب ; فإن حديث الباب في أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النفساء ، وقام في وسطها ، وليس لهذا دخل في كتاب الحيض . وقول ابن المنير أبعد من هذا ; لأن مظنة ما ذكره في باب الشهيد ، وليس له دخل في كتاب الحيض . وقول ابن رشيد أبعد من الكل ; لأنه ارتكب أمورا غير موجهة :

الأول : أنه شرط أن يكون المستقبل في الصلاة طاهرا ، فهذا فرض أو واجب أو سنة أو مستحب . والثاني ارتكب مجازا من غير داع إلى ذلك . والثالث ادعى الملازمة ، وهي غير صحيحة على ما لا يخفى على المتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية