صفحة جزء
327 [ ص: 2 ] بسم الله الرحمن الرحيم . كتاب التيمم
الكلام فيه على وجوه ، الأول : أن قبله بسم الله الرحمن الرحيم في رواية كريمة ، وفي رواية أبي ذر بعده ، وتقديم البسملة على الكتاب ظاهر للحديث الوارد فيه ، وأما تأخيرها عن الكتاب فوجهه أن الكتب التي فيها التراجم مثل السور حتى يقال : سورة كذا ، وسورة كذا ، والبسملة تذكر بعدها على رأس الأحاديث كما تذكر على رؤوس الآيات ويستفتح بها .

الثاني : وجه المناسبة بين هذا الكتاب والكتاب الذي قبله أن المذكور قبله أحكام الوضوء بالماء ، والمذكور ههنا التيمم وهو خلف عن الماء فيذكر الأصل أولا ثم يذكر الخلف عقيبه .

الثالث : في إعرابه ، وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا كتاب التيمم ، والإضافة فيه بمعنى في ، أي : هذا كتاب في بيان أحكام التيمم ، ويجوز نصب الكتاب بعامل مقدر تقديره خذ أو هاك كتاب التيمم .

الرابع : في معنى التيمم ، وهو مصدر تيمم تيمما من باب التفعل وأصله من الأم وهو القصد ، يقول : أمه يؤمه أما إذا قصده ، وذكر أبو محمد في الكتاب الواعي يقال : أم وتأمم ويمم وتيمم بمعنى واحد ، والتيمم أصله من ذلك لأنه يقصد التراب فيتمسح به ، وفي الجامع عن الخليل : التيمم يجري مجرى التوخي ، تقول : تيمم أطيب ما عندك فأطعمنا منه ، أي : توخاه ، وأجاز أن يكون التيمم العمد والقصد ، وهذا الاسم كثر حتى صار اسما للتمسح بالتراب ، قال الفراء : ولم أسمع يممت بالتخفيف ، وفي التهذيب لأبي منصور التيمم التعمد ، وهو ما ذكره البخاري في التفسير في سورة المائدة ، ورواه ابن أبي حاتم وابن المنذر عن سفيان ، ( قلت ) : التيمم في اللغة مطلق القصد ، قال الشاعر :

ولا أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني

.

وفي الشرع قصد الصعيد الطاهر واستعماله بصفة مخصوصة وهو مسح اليدين والوجه لاستباحة الصلاة وامتثال الأمر .

الخامس : الأصل فيه الكتاب ، وهو قوله تعالى : فتيمموا صعيدا طيبا والسنة ، وهي أحاديث الباب وغيره ، والإجماع على جوازه للمحدث وفي الجنابة أيضا ، وخالف فيه عمر بن الخطاب ، وابن مسعود ، والنخعي ، والأسود كما نقله ابن حزم ، وقد ذكروا رجوعهم عن هذا .

السادس : أن التيمم فضيلة خصت بها هذه الأمة دون غيرها من الأمم .

التالي السابق


الخدمات العلمية