صفحة جزء
327 وقول الله تعالى : فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه
وقع في رواية الأصيلي قول الله بلا واو فوجهه أن يكون مبتدأ وخبره هو قوله : " فلم تجدوا " والمعنى قول في شأن التيمم هذه الآية ، وفي رواية غيره بواو العطف على كتاب التيمم ، والتقدير " وفي بيان قول الله تعالى " فلم تجدوا " ، وقال بعضهم : الواو استئنافية ، وهو غير صحيح ؛ لأن الاستئناف جواب عن سؤال مقدر وليس لهذا محل ههنا فإن قال هذا القائل : مرادي الاستئناف اللغوي ( قلت ) هذا أيضا غير صحيح لأن الاستئناف في اللغة الإعادة ولا محل لهذا المعنى ههنا فافهم .

قوله : " فلم تجدوا ماء " القرآن هكذا في سورة النساء والمائدة ورواية الأكثرين على هذا وهو الصواب ، وفي رواية النسفي وعبدوس والحموي والمستملي " فإن لم تجدوا " ، ووقع التصريح به في رواية حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة - رضي الله تعالى [ ص: 3 ] عنها - في قصتها المذكورة ، قال : فأنزل الله آية التيمم " فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا " ، الحديث ، والظاهر أن هذا وهم من حماد أو غيره ، أو قراءة شاذة لحماد .

قوله : " صعيدا طيبا " أي : أرضا طاهرة ، قال الأصمعي : الصعيد وجه الأرض ، فعيل بمعنى مفعول ، أي : مصعود عليه ، وحكاه ابن الأعرابي وكذلك قاله الخليل وثعلب ، وفي الجمهرة : وهو التراب الذي لا يخالطه رمل ولا سبخ ، هذا قول أبي عبيدة ، وقيل : وهو الظاهر من وجه الأرض ، وقال الزجاج في المعاني : الصعيد وجه الأرض ولا تبالي أكان في الموضع تراب أم لم يكن ؛ لأن الصعيد ليس اسما للتراب إنما هو وجه الأرض ترابا كان أو صخرا لا تراب عليه ، قال تعالى : " فتصبح صعيدا زلقا " ، فأعلمك أن الصعيد يكون زلقا ، وعن قتادة أن الصعيد الأرض التي لا نبات فيها ولا شجر ، ومعنى طيبا طاهرا ، وقال أبو إسحاق : الطيب النظيف ، وقيل : الحلال ، وقيل : الطيب ما تستطيبه النفس ، وأكثر العلماء أن معناه طاهرا ، قوله : " وأيديكم " إلى هنا في رواية أبي ذر بدون لفظة " منه " ، وفي رواية كريمة " منه " وهي تعين آية المائدة دون آية النساء ؛ لأن آية النساء ليس فيها منه ولفظة منه في آية المائدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية