صفحة جزء
3360 60 - حدثنا الحسن بن منصور أبو علي، حدثنا حجاج بن محمد الأعور بالمصيصة، حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت أبا جحيفة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ ثم صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عنزة، وزاد فيه عون، عن أبيه، عن أبي جحيفة قال: كان يمر من ورائها المارة، وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم. قال: فأخذت بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب رائحة من المسك.


مطابقته للترجمة ظاهرة، والحسن بن منصور أبو علي الصوفي البغدادي، وهو من أفراده، ولم يخرج عنه غير هذا الحديث. والحكم بفتحتين ابن عتيبة، بضم العين المهملة، وفتح التاء المثناة من فوق، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الباء الموحدة، وقد مر غير مرة، وهذا الحديث مر في كتاب الطهارة في باب استعمال فضل وضوء الناس؛ فإنه أخرجه هناك، عن آدم، عن شعبة، إلى آخره. ومر أيضا في كتاب الصلاة في باب الصلاة إلى العنزة، فإنه أخرجه هناك، عن آدم، عن شعبة قال: حدثنا عون بن أبي جحيفة قال: سمعت أبي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث. وقد مر الكلام فيه هناك.

قوله: بالمصيصة بكسر الميم، وتشديد الصاد المهملة، وكسرها، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الصاد الثانية، وفي آخرها هاء، وهي مدينة مشهورة بناها [ ص: 109 ] أبو جعفر المنصور على نهر جيحان، وهو الذي تسميه القوم جاهان. وقال البكري: ثغر من ثغور الشام. (قلت): رأيتها في سفرتي إلى بلاد الروم، وغالبها خراب، وهي في بلاد الأرمن بالقرب من مدينة تسمى أذنة، وإنما قال بالمصيصة؛ لأن حجاج بن محمد سكن المصيصة، وأصله ترمذي، ومات ببغداد سنة ست ومائتين. قوله: " بالهاجرة "، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر. قوله: " إلى البطحاء "، وهو المسيل الواسع الذي فيه دقاق الحصى. قوله: " عنزة "، بفتح النون أطول من العصا، وأقصر من الرمح، وفيه زج. قوله: " قال شعبة " هو متصل بالإسناد المذكور. قوله: " وزاد فيه عون "، أي: زاد الحكم في إسناد الحديث: حدثنا عون، عن أبيه، عن أبي جحيفة، ويأتي هذا في آخر الباب. وقال الكرماني، وما وقع في بعض النسخ: عون، عن أبيه، عن أبي جحيفة سهو؛ لأن عونا هو ابن أبي جحيفة، والصواب نقص الأب. (قلت): في كتاب الصلاة الذي ذكرناه الآن. قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: سمعت أبي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحديث، وهنا: عون، عن أبيه، عن أبي جحيفة، فلفظ " عن أبيه " حشو لا طائل تحته، والصواب ترك هذه اللفظة. قوله: " فإذا هي "، أي: يده أبرد من الثلج، والحكمة فيه أن برودة يده تدل على سلامة جسده من العلل والعوارض. قوله: " وأطيب رائحة من المسك "، قالت العلماء: كانت هذه الريح الطيبة صفته صلى الله تعالى عليه وسلم، وإن لم يمس طيبا، ومع هذا فكان يستعمل الطيب في كثير من الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة، وأخذ الوحي الكريم، ومجالسة المسلمين، وروى أحمد في مسنده من حديث وائل بن حجر: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فشرب منه، ثم مج في الدلو، ثم في البئر، ففاح منها مثل ريح المسك. وروى أبو يعلى والبزار بإسناد صحيح، عن أنس رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك: فيقال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الطريق .

التالي السابق


الخدمات العلمية